وفي الجهة الشرقية من الجامع بيت صغير يصعد إليه فيه قبر مسلم بن عقيل بن أبي طالب، رضي الله عنه. وفي جوفي الجامع على بعد منه يسير سقاية كبيرة من ماء الفرات فيها ثلاثة أحواض كبار.
وفي غربي المدينة على مقدار فرسخ منها المشهد الشهير الشأن المنسوب لعلي ابن أبي طالب، رضي الله عنه، وحيث بركت ناقته وهو محمول عليها مسجى ميتا على ما يذكر. ويقال: إن قبره فيه، والله أعلم بصحة ذلك. وفي هذا المشهد بناء حفيل على ما ذكر لنا، لأنا لم نشاهده بسبب أن وقت المقام بالكوفة ضاق عن ذلك، لأنا لم نبت فيها سوى ليلة يوم السبت. وفي غدائه رحلنا ونزلنا قريب الظهر على نهر منسوب من الفرات. والفرات من الكوفة على مقدار نصف فرسخ مما يلي الجانب الشرقي. والجانب الشرقي كله حدائق نخيل ملتفة يتصل سوادها ويمتد امتداد البصر. ورحلنا من ذلك الموضع وبتنا ليلة الأحد منسلخ محرم بمقربة من الحلة ثم جئناها يوم الأحد المذكور.
[ذكر مدينة الحلة]
هي مدينة كبيرة، عتيقة الوضع، مستطيلة، لم يبق من سورها الا حلق من جدار ترابي مستدير بها. وهي على شط الفرات، يتصل بها من جانبها الشرقي ويمتد بطولها. ولهذه المدينة أسواق حفيلة جامعة للمرافق المدينة والصناعات الضرورية. وهي قوية العمارة، كثيرة الخلق، متصلة حدائق النخيل داخلا وخارجا، فديارها بين حدائق النخيل، وألفينا بها جسرا عظيما معقودا على مراكب كبار متصلة من الشط تحف بها من جانبها سلاسل من حديد كالأذرع المفتولة عظما وضخامة ترتبط الى خشب مثبتة في كلا الشطين، تدل على عظم الاستطاع والقدرة؛ أمر الخليفة بعقده على الفرات اهتماما بالحاج واعتناء بسبيله