ومشاهد هذا البقيع أكثر من أن تحصى لأنه مدفن الجمهور الأعظم من الصحابة المهاجرين والأنصار، رضي الله عنهم أجمعين. وعلى قبر فاطمة المذكورة مكتوب:«ما ضم قبر أحد كفاطمة بنت أسد» رضي الله عنها وعن بنيها.
وقباء قبلي المدينة، ومنها اليها نحو الميلين. وكانت مدينة كبيرة متصلة بالمدينة المكرمة. والطريق اليها بين حدائق النخل المتصلة. والنخيل محدق بالمدينة من جهاتها، وأعظمها جهة الغرب. والمسجد المؤسس على التقوى بقباء مجدد، وهو مربع مستوى الطول والعرض، وفيه مئذنة طويلة بيضاء تظهر على بعد، وفي وسطه مبرك الناقة بالنبي، صلى الله عليه وسلم، وعليه حلق قصير شبه روضة صغيرة يتبرك الناس بالصلاة فيه. وفي صحنه، مما يلي القبلة، شبه محراب على مصطبة، هو أول موضع ركع فيه النبي، صلى الله عليه وسلم. وفي قبلته محاريب وله باب واحد من جهة الغرب، وهو سبعة بلاطات في الطول، ومثلها في العرض.
وفي قبلة المسجد دار لبني النجار، وهي دار أبي أيوب الأنصاري. وفي الغرب من المسجد رحبة فيها بئر، وبإزائها على الشفير حجر متسع شبيه البيلة يتوضأ الناس فيه. ويلي دار بني النجار دار عائشة، رضي الله عنها، وبإزائها دار عمر ودار فاطمة ودار أبي بكر، رضي الله عنهم، وبإزائها بئر أريس حيث تفل النبي، صلى الله عليه وسلم، فعاد ماؤها عذبا بعد ما كان أجاجا، وفيه وقع خاتمة من يد عثمان، رضي الله عنه، والحديث مشهور.
وفي آخر القرية تل مشرف يعرف بعرفات، يدخل اليه على دار الصفة حيث كان عمار وسلمان وأصحابهما المعروفون بأهل الصفة. وسمي ذلك التل عرفات لأنه كان موقف النبي، صلى الله عليه وسلم، يوم عرفة، ومنه زويت له الأرض فأبصر الناس في عرفات. وآثار هذه القرية المكرمة ومشاهدها كثيرة لا تحصى.
وللمدينة المكرّمة أربعة أبواب، وهي تحت سورين، في كل سور باب يقابله