للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بالسواقي، وهي مائلة الطبع الى البادية، ولا سور لها، وهي مشحونة بشرا، ولها الأسواق الحفيلة، والأرزاق الواسعة، وهي مخطر لأهل بلاد الشام وديار بكر وآمد وبلاد الروم التي تلي طاعة الأمير مسعود وما يليها، ولها المحرث الواسع، ولها مرافق كثيرة. فكان نزولنا مع القافلة ببراح ظاهرها، وأصبحنا يوم الخميس الثالث لربيع الأول بها مريحين. وخارجها مدرسة جديدة بقية البناء فيها، ويتصل بها حمّام، والبساتين حولها، فهي مدرسة ومأنسة. وصاحب هذه البلدة قطب الدين، وهو أيضا صاحب مدينة دارى ومدينة ماردين ورأس العين، وهو قريب لابني أتابك.

وهذه البلدة لسلاطين شتى كملوك طوائف الأندلس، كلهم قد تحلى بحلية تنسب الى الدين، فلا تسمع الا القابا هائلة، وصفات لذي التحصيل غير طائلة، قد تساوى فيها السوقة والملوك، واشترك فيها الغني والصعلوك، ليس فيهم من اتسم بسمة به تليق، أو اتصف بصفة هو بها خليق، الا صلاح الدين صاحب الشام وديار مصر والحجاز واليمن، المشتهر الفضل والعدل، فهذا اسم وافق مسمّاه، ولفظ طابق معناه، وما سوى ذلك في سواه فزعازع ريح، وشهادات يردها التجريح، ودعوى نسبة للدين برحت به أي تبريح!

ألقاب مملكة في غير موضعها ... كالهر يحكي انتفاخا صولة الأسد

ونرجع الى حديث المراحل، قرّبها الله:

فكان مقامنا بدنيصر الى أن صلّينا الجمعة، وهو اليوم الرابع لربيع (الأول) ، تلوّم أهل القافلة بها لشهود سوقها، لأن بها يوم الخميس ويوم الجمعة ويوم السبت ويوم الأحد بعدها سوق حفيلة، يجتمع لها أهل هذه الجهات المجاورة لها والقرى المتصلة بها، لأن الطريق كلها يمينا وشمالا قرى متصلة وخانات مشيدة، ويسمون هذه السوق المجتمع اليها من الجهات البازار، وأيام كل سوق معلومة.

<<  <   >  >>