كله خواتيم وأشكالا بديعة، يخيل لمبصرها أنها فرش متقنة مزخرفة، وهو من المشاهد الكريمة.
وللربوة المباركة أوقاف كثيرة من بساتين وأرض بيضاء ورباع. وهي معينة التقسيم لوظائفها. فمنها ما هو معين باسم النفقة في الأدم للبائتين فيها من الزوار، ومنها ما هو معين للأكسية برسم التغطية بالليل، ومنها ما هو معين للطعام، الى تقاسيم تستوفى جميع مؤنها، ومؤن الأمين الراتب فيها برسم الإمامة، والمؤذن الملتزم خدمتها، ولهم على ذلك كله مرتب معلوم في كل شهر. وهي خطة من أعظم الخطط.
والأمين فيها الآن من بقية المرابطين المسوفيين ومن أعيانهم، يعرف بأبي الربيع سليمان بن ابراهيم بن مالك، وله مكانة من السلطان ووجوه الدولة، وله في الشهر خمسة دنانير حاشا فائدة الربوة، وهو متسم بالخير ومرتسم به، وهو متعلق بسبب من أسباب البر في ايواء أهل الغرب من الغرباء المنقطعين بهذه الجهات، يسبب لهم وجوه المعايش من إمامة في مسجد أو سكنى بمدرسة تجرى عليه فيها النفقة أو التزام زاوية من زوايا المسجد الجامع يجبى اليه فيها رزقه أو حضور في قراءة سبع، أو سدانة مشهد من المشاهد المباركة يكون فيه، ويجري عليه ما يقوم به من أوقافه، الى غير ذلك من الوجوه المعاشية على هذه السبيل المباركة مما يطول شرحه. فالغريب المحتاج هنا، اذا كان على طريقة الخير، مصون محفوظ غير مريق ماء الوجه.
وسائر الغرباء ممن ليس على هذه الحال، ممن عهد الخدمة والمهنة، يسبب له أيضا أسباب غريبة من الخدمة. اما بستان يكون ناطورا فيه، أو حمّام يكون عينا على خدمته، وحافظا لأثواب داخليه، أو طاحونة يكون أمينا عليها، أو كفالة صبيان يؤديهم الى محاضرهم ويصرفهم الى منازلهم، الى غير ذلك من الوجوه الواسعة.
وليس يؤتمن فيها كلها سوى المغاربة الغرباء، لأنهم قد علا لهم بهذا البلد