للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَوْضِعُ تَجَوُّزٍ، فَأُجِيبَ عَنْهُ: بِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ مَوْضِعَ تَجَوُّزٍ، فَإِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَقُولُ إِلَّا حَقًّا لِمَكَانِ الْعِصْمَةِ.

وَأَمَّا الشُّرُوطُ الَّتِي تَرْجِعُ إِلَى لَفْظِ الْخَبَرِ:

"فَاعْلَمْ"* أَنَّ لِلرَّاوِي فِي نَقْلِ مَا يَسْمَعُهُ أحوالا:

الحال الأولى:

أَنْ يَرْوِيَهُ بِلَفْظِهِ فَقَدْ أَدَّى الْأَمَانَةَ كَمَا سَمِعَهَا، وَلَكِنَّهُ إِذَا كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَهُ جَوَابًا عَنْ سُؤَالِ سَائِلٍ فَإِنْ كَانَ الْجَوَابُ مَسْتَغْنِيًا عَنْ ذِكْرِ السُّؤَالِ كَقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مَاءِ الْبَحْرِ: "هُوَ الطَّهُورُ مَاؤُهُ الْحِلُّ مَيْتَتُهُ" ١ فَالرَّاوِي مُخَيَّرٌ بَيْنَ أَنْ يَذْكُرَ السُّؤَالَ أَوْ يَتْرُكَهُ وَإِنْ كَانَ الْجَوَابُ غَيْرَ مستغنٍ عَنْ ذِكْرِ السُّؤَالِ كَمَا فِي سُؤَالِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ بَيْعِ الرُّطَبِ بِالتَّمْرِ، فَقَالَ: "أَيَنْقُصُ إِذَا جَفَّ": فَقِيلَ: نَعَمْ. فَقَالَ: "فَلَا إِذًا" ٢، فَلَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِ السُّؤَالِ، وَهَكَذَا لَوْ كَانَ الْجَوَابُ يَحْتَمِلُ أَمْرَيْنِ، فَإِذَا نَقَلَ الرَّاوِي السُّؤَالَ لَمْ يَحْتَمِلْ إِلَّا أَمْرًا وَاحِدًا فَلَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِ السُّؤَالِ وَعَلَى كُلِّ حَالٍ فَذِكْرُ السُّؤَالِ "وَالسَّبَبِ"** مَعَ ذِكْرِ الْجَوَابِ وَمَا وَرَدَ عَلَى سَبَبٍ أَوْلَى مِنَ الْإِهْمَالِ.

الْحَالُ الثانية:

أَنْ يَرْوِيَهُ بِغَيْرِ لَفْظِهِ بَلْ بِمَعْنَاهُ، وَفِيهِ ثَمَانِيَةُ مَذَاهِبَ:

الْأَوَّلُ مِنْهَا: أَنَّ ذَلِكَ جَائِزٌ مِنْ عَارِفٍ بِمَعَانِي الْأَلْفَاظِ، لَا إِذَا لَمْ يَكُنْ عَارِفًا. فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ الرِّوَايَةُ بِالْمَعْنَى. قَالَ الْقَاضِي فِي "التَّقْرِيبِ": بِالْإِجْمَاعِ، وَمِنْهُمْ مَنْ شَرَطَ أَنْ يَأْتِيَ بِلَفْظٍ مُرَادِفٍ، كَالْجُلُوسِ مَكَانَ الْقُعُودِ أَوِ الْعَكْسِ، وَمِنْهُمْ مَنْ شَرَطَ أَنْ يَكُونَ مَا جَاءَ بِهِ مُسَاوِيًا لِلْأَصْلِ فِي الْجَلَاءِ وَالْخَفَاءِ فَلَا يَأْتِي مَكَانَ الْجَلِيِّ بِمَا هُوَ دُونَهُ فِي الْجَلَاءِ وَلَا مَكَانَ العام بالخاص ولا مكان


* في "أ": فإنه علم.
** ما بين قوسين ساقط من "أ".

<<  <  ج: ص:  >  >>