للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ} ١، وقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "خَيْرُ الْقُرُونِ قَرْنِي" ٢، وَقَوْلِهِ فِي حَقِّهِمْ: "لَوْ أَنْفَقَ أَحَدُكُمْ مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَبًا مَا بلغ مد أحدكم وَلَا نَصِيفَهُ" ٣ وَهُمَا فِي الصَّحِيحِ، وَقَوْلِهِ: "أَصْحَابِي كَالنُّجُومِ" ٤ عَلَى مَقَالٍ فِيهِ مَعْرُوفٍ.

قَالَ الْجُوَيْنِيُّ: وَلَعَلَّ السَّبَبَ فِي قَبُولِهِمْ مِنْ غَيْرِ بَحْثٍ عَنْ أَحْوَالِهِمْ أَنَّهُمْ نَقَلَةُ الشَّرِيعَةِ، وَلَوْ ثَبَتَ التَّوَقُّفُ فِي رِوَايَتِهِمْ، لَانْحَصَرَتِ الشَّرِيعَةُ عَلَى عَصْرِ الرَّسُولِ وَلَمَا اسْتَرْسَلَتْ عَلَى سَائِرِ الْأَعْصَارِ.

قَالَ الْكِيَا الطَّبَرِيُّ: وَأَمَّا مَا وَقَعَ بَيْنَهُمْ مِنَ الْحُرُوبِ وَالْفِتَنِ فَتِلْكَ أُمُورٌ مَبْنِيَّةٌ عَلَى الِاجْتِهَادِ، وَكُلُّ مُجْتَهِدٍ مُصِيبٌ أَوِ الْمُصِيبُ وَاحِدٌ، وَالْمُخْطِئُ مَعْذُورٌ بَلْ مَأْجُورٌ، وَكَمَا قَالَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ٥: تِلْكَ دِمَاءٌ طَهَّرَ اللَّهُ مِنْهَا سُيُوفَنَا فَلَا نُخَضِّبُ بِهَا أَلْسِنَتَنَا.

الْقَوْلُ الثَّانِي:

أَنَّ حُكْمَهُمْ فِي الْعَدَالَةِ حُكْمُ غَيْرِهِمْ، فَيُبْحَثُ عَنْهَا، قَالَ أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ الْقَطَّانِ: فَوَحْشِيٌّ قَتَلَ حَمْزَةَ وَلَهُ صُحْبَةٌ، وَالْوَلِيدُ٦ شَرِبَ الْخَمْرَ، فمن ظهر عليه خلاف العدالة


١ جزء من الآية "٢٩" من سورة الفتح.
٢ تقدم تخريجه في الصفحة "١٧٣".
٣ أخرجه البخاري من حديث أبي سعيد الخدري في فضائل الصحابة، باب قول النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لو كنت متخذًا خليلًا" "٣٦٣٧". ومسلم، كتاب فضائل الصحابة، باب تحريم سب الصحابة "٢٥٤١"، وأحمد في المسند "٣/ ٥٤". والترمذي، كتاب المناقب، باب "٥٩" برقم "٣٨٦١". والنسائي، كتاب فضائل الصحابة "٢٠٣". وابن حبان في صحيحه "٧٢٥٥". والبغوي في شرح السنة "٣٨٥٩". والطيالسي "٢١٨٣".
٤ أخرجه ابن عدي في الكامل، "٢/ ٣٧٦"، وعبد بن حميد في المسند "المنتخب ص٢٥٠" وابن عبد البر في جامع بيان العلم "٢/ ٩٠"، وحكم عليه الحافظ الذهبي بالوضع واتهم بعض رواة الأسانيد انظر الميزان "١/ ٤١٣"، "٢/ ١٠٢". ووهن الحافظ ابن حجر، جميع طرقه، ونقل عن ابن حزم قوله: هذا خبر مكذوب موضع باطل. وعن البزار: هذا الكلام لم يصح عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ا. هـ. التلخيص الحبير "٤/ ١٩١". ويغني عنه ما في مسلم: عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه: قال: صلينا المغرب مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثم قلنا: لو جلسنا حتى نصلى معه العشاء ... فقال: "النجوم أمنة للسماء فإذا ذهبت النجوم أتى السماء ما توعد، وأنا أمنة لأصحابي، فإذا ذهبت أتى أصحابي ما يوعدون، وأصحابي أمنة لأمتى فإذا ذهب أصحابي أتى أمتي ما يوعدون" رقمه "٢٥٣١".
٥ هو ابن مروان بن الحكم، كان من أئمة الاجتهاد، وبعد خامس الخلفاء الراشدين، ولي إمارة المدينة في عهد الوليد، دامت خلافته سنتين وستة أشهر وأيام. كخلافة الصديق، توفي سنة إحدى ومائة هـ، ودفن بدير سمعان من أرض المعرة ا. هـ. سير أعلام النبلاء "٥/ ١١٤"، شذرات الذهب "١/ ١١٩".
٦ هو الخليفة، أبو العباس، الوليد بن عبد الملك بن مروان بن الحكم الأموي، الدمشقي، الذي أنشأ جامع بني أمية، بويع بعهد من أبيه، فتح بوابة الأندلس وبلاد الترك، قيل: كان يختم في كل ثلاث، وختم في رمضان سبع عشرة ختمة، توفي سنة ست وتسعين هـ. ا. هـ. سير أعلام النبلاء "٤/ ٣٤٧"، شذرات الذهب "١/ ١١١".

<<  <  ج: ص:  >  >>