للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَمْ يَقَعْ عَلَيْهِ اسْمُ الصُّحْبَةِ وَالْوَلِيدُ لَيْسَ بِصَحَابِيٍّ؛ لِأَنَّ الصَّحَابَةَ إِنَّمَا هُمُ الَّذِينَ كَانُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ. انْتَهَى.

وَهَذَا كَلَامٌ سَاقِطٌ جِدًّا فَوَحْشِيٌّ قَتَلَ حَمْزَةَ، وَهُوَ كَافِرٌ ثُمَّ أَسْلَمَ، وَلَيْسَ ذَلِكَ مِمَّا يُقْدَحُ بِهِ فَالْإِسْلَامُ يَجُبُّ مَا قَبْلَهُ، بِلَا خِلَافٍ.

وَأَمَّا قَوْلُهُ: وَالْوَلِيدُ لَيْسَ بِصَحَابِيٍّ إِلَخْ، فَلَمْ يَقُلْ قَائِلٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ إِنَّ ارْتِكَابَ الْمَعْصِيَةِ يُخْرِجُ مَنْ كَانَ صَحَابِيًّا عَنْ صُحْبَتِهِ.

قَالَ الرَّازِيُّ فِي "الْمَحْصُولِ": وَقَدْ بَالَغَ إِبْرَاهِيمُ النَّظَّامُ فِي الطَّعْنِ فِيهِمْ، عَلَى مَا نَقَلَهُ "الْجَاحِظُ"* عَنْهُ فِي كِتَابِ "الْفُتْيَا"١، وَنَحْنُ نَذْكُرُ ذَلِكَ مُجْمَلًا وَمُفَصَّلًا، أَمَّا مُجْمَلًا فَإِنَّهُ رَوَى مِنْ طَعْنِ بَعْضِهِمْ فِي بعضٍ أَخْبَارًا كَثِيرَةً يَأْتِي تَفْصِيلُهَا، وَقَالَ رَأَيْنَا بَعْضَ الصَّحَابَةِ يَقْدَحُ فِي بَعْضٍ وَذَلِكَ يَقْتَضِي تَوَجُّهَ الْقَدْحِ إِمَّا فِي الْقَادِحِ إِنْ كَانَ كَاذِبًا وَإِمَّا فِي الْمَقْدُوحِ فِيهِ إِنْ كَانَ الْقَادِحُ صَادِقًا.

وَالْجَوَابُ مُجْمَلًا: أَنَّ آيَاتِ الْقُرْآنِ دَالَّةٌ عَلَى سَلَامَةِ أَحْوَالِ الصَّحَابَةِ، وَبَرَاءَتِهِمْ عَنِ الْمَطَاعِنِ، وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ، وَجَبَ عَلَيْنَا أَنْ نُحْسِنَ الظَّنَّ بِهِمْ إِلَى أَنْ يَقُومَ دَلِيلٌ قَاطِعٌ عَلَى الطَّعْنِ فِيهِمْ إِلَى آخِرِ كَلَامِهِ.

الْقَوْلُ الثَّالِثُ:

أَنَّهُمْ كُلُّهُمْ عُدُولٌ قَبْلَ الْفِتَنِ لَا بَعْدَهَا فَيَجِبُ الْبَحْثُ عَنْهُمْ، وَأَمَّا بعدها فلا يقبل الداخلون فيها مطلقًا أي: مِنَ الطَّرَفَيْنِ؛ لِأَنَّ الْفَاسِقَ مِنَ الْفَرِيقَيْنِ غَيْرُ مُعَيَّنٍ، وَبِهِ قَالَ عَمْرُو بْنُ عُبَيْدٍ٢ مِنَ الْمُعْتَزِلَةِ، وَهَذَا الْقَوْلُ فِي غَايَةِ الضَّعْفِ لِاسْتِلْزَامِهِ إِهْدَارَ غَالِبِ السُّنَّةِ، فَإِنَّ الْمُعْتَزِلِينَ لِتِلْكَ الْحُرُوبِ هُمْ طَائِفَةٌ يَسِيرَةٌ بِالنِّسْبَةِ إِلَى الدَّاخِلِينَ فِيهَا، وَأَيْضًا فِيهِ أَنَّ الْبَاغِيَ مِنَ الْفَرِيقَيْنِ غَيْرُ معي وَهُوَ مُعَيَّنٌ بِالدَّلِيلِ الصَّحِيحِ وَأَيْضًا التَّمَسُّكُ بِمَا تَمَسَّكَتْ بِهِ طَائِفَةٌ يُخْرِجُهَا مِنْ إِطْلَاقِ اسْمِ الْبَغْيِ عَلَيْهَا عَلَى تَسْلِيمِ أَنَّ الْبَاغِيَ مِنَ الْفَرِيقَيْنِ غَيْرُ مُعَيَّنٍ.

الْقَوْلُ الرَّابِعُ:

أَنَّهُمْ كُلَّهُمْ عُدُولٌ إِلَّا مَنْ قَاتَلَ عَلِيًّا، وَبِهِ قَالَ جماعة من المعتزلة والشيعة،


* في "أ": الحافظ: وهو الصواب لأننا لم نعثر على كتاب اسمه الفتيا للجاحظ.

<<  <  ج: ص:  >  >>