وَقِيلَ: بَيَانُ مَا لَمْ يَرِدْ بِلَفْظِ الْعَامِّ.
وَيَرِدُ عَلَيْهِ أَيْضًا: بَيَانُ مَا لَمْ يَرِدْ بِالْعَامِّ الَّذِي أُرِيدَ بِهِ الْخُصُوصُ، وَلَيْسَ مِنَ التَّخْصِيصِ.
وَقَالَ الْعَبَّادِيُّ١: التَّخْصِيصُ بَيَانُ الْمُرَادِ بِالْعَامِّ وَيُعْتَرَضُ عَلَيْهِ: بِأَنَّ التَّخْصِيصَ هُوَ بَيَانُ مَا لَمْ يَرِدْ بِالْعَامِّ، لَا بَيَانَ مَا أُرِيدَ بِهِ.
وَأَيْضًا: يَدْخُلُ فِيهِ الْعَامُّ الَّذِي أُرِيدَ بِهِ الْخُصُوصُ.
وَقَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ: التَّخْصِيصُ: قَصْرُ الْعَامِّ عَلَى بَعْضِ مُسَمَّيَاتِهِ.
وَاعْتَرَضَ عَلَيْهِ: بِأَنَّ لَفْظَ الْقَصْرِ يَحْتَمِلُ الْقَصْرَ فِي التَّنَاوُلِ أَوِ الدَّلَالَةِ، أَوِ الْحَمْلِ، أَوْ الِاسْتِعْمَالِ.
وَقَالَ أَبُو الْحُسَيْنِ: هُوَ إِخْرَاجُ بَعْضِ مَا يَتَنَاوَلُهُ الْخِطَابُ عَنْهُ.
وَاعْتُرِضَ عَلَيْهِ: بِأَنَّ مَا أُخْرِجَ فَالْخِطَابُ لَمْ يَتَنَاوَلْهُ.
وَأُجِيبَ: بِأَنَّ الْمُرَادَ مَا يَتَنَاوَلُهُ الخطاب بتقدير عدم المخصص.
وقيل: هو تَعْرِيفُ أَنَّ الْعُمُومَ لِلْخُصُوصِ.
وَأُورِدَ عَلَيْهِ: أَنَّهُ تَعْرِيفُ التَّخْصِيصِ بِالْخُصُوصِ، وَفِيهِ دَوْرٌ.
وَأُجِيبَ: بِأَنَّ الْمُرَادَ بِالتَّخْصِيصِ الْمَحْدُودِ، التَّخْصِيصُ فِي الِاصْطِلَاحِ، وَبِالْخُصُوصِ الْمَذْكُورِ فِي الْحَدِّ هُوَ الْخُصُوصُ فِي اللُّغَةِ فَتَغَايَرَا فَلَا دَوْرَ.
قَالَ الْقَفَّالُ الشَّاشِيُّ: إِذَا ثَبَتَ تَخْصِيصُ الْعَامِّ بِبَعْضِ مَا اشْتَمَلَ عَلَيْهِ عُلِمَ أَنَّهُ غَيْرُ مَقْصُودٍ بِالْخِطَابِ، وَأَنَّ الْمُرَادَ مَا عَدَاهُ، وَلَا نَقُولُ إِنَّهُ دَاخِلٌ فِي الْخِطَابِ فَخَرَجَ مِنْهُ بِدَلِيلٍ وَإِلَّا لَكَانَ نَسْخًا وَلَمْ يَكُنْ تَخْصِيصًا، فَإِنَّ الْفَارِقَ بَيْنَهُمَا أَنَّ النَّسْخَ رَفْعُ الْحُكْمِ بَعْدَ ثُبُوتِهِ، وَالتَّخْصِيصَ بَيَانُ مَا قُصِدَ "لَهُ اللَّفْظُ"* الْعَامُّ.
قَالَ إِلْكِيَا الطَّبَرِيُّ، وَالْقَاضِي عَبْدُ الْوَهَّابِ: مَعْنَى قَوْلِنَا إِنَّ العموم مخصوص، أن المتكلم به قدر أَرَادَ بَعْضَ مَا وُضِعَ لَهُ دُونَ بَعْضٍ وَذَلِكَ مَجَازٌ؛ لِأَنَّهُ شَبِيهٌ بِالْمَخْصُوصِ الَّذِي يُوضَعُ فِي الْأَصْلِ لِلْخُصُوصِ، وَإِرَادَةُ الْبَعْضِ لَا تُصَيِّرُهُ مَوْضُوعًا فِي الْأَصْلِ لِذَلِكَ، وَلَوْ كَانَ حَقِيقَةً لكان العام خاص وَهُوَ متنافٍ وَإِنَّمَا يَصِيرُ خَاصًّا بِالْقَصْدِ، كَالْأَمْرِ يَصِيرُ أَمْرًا بِالطَّلَبِ وَالِاسْتِدْعَاءِ، وَقَدْ ذَكَرَ مِثْلَ هذا القاضي أبو بكر الباقلاني والغزالي.
* في "أ": باللفظ.