للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الرَّابِعُ:

نُصُوصُ السُّنَّةِ الْمُبْتَدَأَةُ، مِمَّا لَيْسَ فِي الْقُرْآنِ نَصٌّ عَلَيْهَا "لَا"* بِالْإِجْمَالِ، وَلَا بِالتَّبْيِينِ، وَدَلِيلُ كَوْنِ هَذَا الْقِسْمِ مِنْ بَيَانِ الْكِتَابِ قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} ١.

الْخَامِسُ:

بَيَانُ الْإِشَارَةِ، وَهُوَ الْقِيَاسُ الْمُسْتَنْبَطُ مِنَ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، مِثْلُ الْأَلْفَاظِ الَّتِي اسْتُنْبِطَتْ مِنْهَا الْمَعَانِي، وَقِيسَ عَلَيْهَا غَيْرُهَا؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ إِذَا اسْتُنْبِطَ مِنْهُ مَعْنًى، وَأُلْحِقَ بِهِ غَيْرُهُ، لَا يُقَالُ لَمْ يَتَنَاوَلْهُ النَّصُّ، بَلْ تَنَاوَلْهُ؛ لِأَنَّ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَشَارَ إِلَيْهِ بِالتَّنْبِيهِ، كَإِلْحَاقِ الْمَطْعُومَاتِ فِي باب الربويات بِالْأَرْبَعَةِ الْمَنْصُوصِ عَلَيْهَا٢؛ لِأَنَّ حَقِيقَةَ الْقِيَاسِ: بَيَانُ الْمُرَادِ بِالنَّصِّ، وَقَدْ أَمَرَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَهْلَ التَّكْلِيفِ بِالِاعْتِبَارِ وَالِاسْتِنْبَاطِ وَالِاجْتِهَادِ.

ذَكَرَ هَذِهِ الْمَرَاتِبَ الْخَمْسَ لِلْبَيَانِ الشَّافِعِيُّ فِي أَوَّلِ "الرِّسَالَةِ".

وَقَدِ اعْتَرَضَ عَلَيْهِ قَوْمٌ، وَقَالُوا: قَدْ أَهْمَلَ قسمين، وهما الإجمال، وَقَوْلُ الْمُجْتَهِدِ إِذَا انْقَرَضَ عَصْرُهُ، وَانْتَشَرَ مِنْ غَيْرِ نَكِيرٍ.

قَالَ الزَّرْكَشِيُّ فِي "الْبَحْرِ": إِنَّمَا أَهْمَلَهُمَا الشَّافِعِيُّ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا إِنَّمَا يُتَوَصَّلُ إِلَيْهِ بِأَحَدِ الْأَقْسَامِ الْخَمْسَةِ الَّتِي ذَكَرَهَا الشَّافِعِيُّ؛ لِأَنَّ الْإِجْمَاعَ لَا يَصْدُرُ إِلَّا عَنْ دَلِيلٍ، فَإِنْ كَانَ نَصًّا فَهُوَ مِنَ الْأَقْسَامِ الْأُوَلِ، وَإِنْ كَانَ اسْتِنْبَاطًا فَهُوَ الْخَامِسُ.

قَالَ ابْنُ السَّمْعَانِيِّ: يَقَعُ بَيَانُ الْمُجْمَلِ بِسِتَّةِ أَوْجُهٍ:

أَحَدُهَا:

بِالْقَوْلِ، وَهُوَ الْأَكْثَرُ.

وَالثَّانِي:

بِالْفِعْلِ.

وَالثَّالِثُ:

بِالْكِتَابِ، كَبَيَانِ أَسْنَانِ الدِّيَاتِ، وَدِيَاتِ الْأَعْضَاءِ، وَمَقَادِيرِ الزكاة، فإنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيَّنَهَا بِكُتُبِهِ الْمَشْهُورَةِ.

وَالرَّابِعُ:

بِالْإِشَارَةِ، كَقَوْلِهِ: "الشَّهْرُ هَكَذَا، وَهَكَذَا، وَهَكَذَا" ٣ يَعْنِي ثَلَاثِينَ يَوْمًا، ثم أعاد


* في "أ": ولا.

<<  <  ج: ص:  >  >>