للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْإِشَارَةَ بِأَصَابِعِهِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، وَحَبَسَ إِبْهَامَهُ فِي الثَّالِثَةِ، إِشَارَةً إِلَى أَنَّ الشَّهْرَ قَدْ يَكُونُ تسعة وعشرين.

الخامس:

بِالتَّنْبِيهِ، وَهُوَ الْمَعَانِي وَالْعِلَلُ الَّتِي نُبِّهَ بِهَا عَلَى بَيَانِ الْأَحْكَامِ، كَقَوْلِهِ فِي بَيْعِ الرُّطَبِ بِالتَّمْرِ: "أَيَنْقُصُ الرُّطَبُ إِذَا جَفَّ" ١، وَقَوْلِهِ فِي قُبْلَةِ الصَّائِمِ: "أَرَأَيْتَ لَوْ "تَمَضْمَضْتَ * " ٢.

السَّادِسُ:

مَا خَصَّ الْعُلَمَاءُ بَيَانَهُ عَنِ اجْتِهَادٍ، وَهُوَ مَا فيه الوجوه الخمسة، إذا كان الاجتهاد موصلا إِلَيْهِ مِنْ أَحَدِ وَجْهَيْنِ، إِمَّا مِنْ أَصْلٍ يُعْتَبَرُ هَذَا الْفَرْعُ بِهِ، وَإِمَّا مِنْ طَرِيقِ أَمَارَةٍ تَدُلُّ عَلَيْهِ. وَزَادَ شَارِحُ "اللُّمَعِ" وَجْهًا سَابِعًا، وَهُوَ الْبَيَانُ بِالتَّرْكِ، كَمَا رُوِيَ "أَنَّ آخِرَ الْأَمْرَيْنِ تَرْكُ الْوُضُوءِ مِمَّا مَسَّتِ النَّارُ"٣.

قال الأستاذ أبو منصور: قد رَتَّبَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا ذَلِكَ، فَقَالَ: أَعْلَاهَا رُتْبَةً مَا وَقَعَ مِنَ الدَّلَالَةِ بِالْخِطَابِ، ثُمَّ بِالْفِعْلِ، ثُمَّ بِالْإِشَارَةِ، ثُمَّ بِالْكِتَابَةِ، ثُمَّ بِالتَّنْبِيهِ عَلَى الْعِلَّةِ.

قَالَ: وَيَقَعُ بَيَانٌ مِنَ اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى بِهَا كُلِّهَا خَلَا الْإِشَارَةَ. انْتَهَى.

قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: لَا خِلَافَ أَنَّ الْبَيَانَ يَجُوزُ بِالْقَوْلِ، وَاخْتَلَفُوا فِي وُقُوعِهِ بِالْفِعْلِ، وَالْجُمْهُورُ عَلَى أَنَّهُ يَقَعُ بَيَانًا، خِلَافًا لِأَبِي إِسْحَاقَ الْمَرْوَزِيِّ مِنَّا، وَالْكَرْخِيِّ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ، حَكَاهُ الشَّيْخُ أَبُو إِسْحَاقَ فِي "التَّبْصِرَةِ". انْتَهَى.

وَلَا وَجْهَ لِهَذَا الْخِلَافِ، فإن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيَّنَ الصَّلَاةَ وَالْحَجَّ بِأَفْعَالِهِ، وَقَالَ: "صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي" ٤. "حُجُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أَحُجُّ" ٥. "وخذوا عَنِّي مَنَاسِكَكُمْ" ٦ وَلَمْ يَكُنْ لِمَنْ مَنَعَ مِنْ ذَلِكَ مُتَمَسَّكٌ، لَا مِنْ شَرْعٍ وَلَا مِنْ عَقْلٍ، بَلْ مُجَرَّدُ مُجَادَلَاتٍ لَيْسَتْ مِنَ الْأَدِلَّةِ في شيء.


* في "أ": تمضمض.

<<  <  ج: ص:  >  >>