للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأمثال ونحوها، فإنها ترجح العبارة عَلَى الْإِشَارَةِ.

النَّوْعُ الرَّابِعُ:

أَنَّهُ يُقَدَّمُ مَا عمل أَكْثَرُ السَّلَفِ عَلَى مَا لَيْسَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْأَكْثَرَ أَوْلَى بِإِصَابَةِ الْحَقِّ. وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ لَا حُجَّةَ فِي قَوْلِ الْأَكْثَرِ، وَلَا فِي عَمَلِهِمْ، فَقَدْ يَكُونُ الْحَقُّ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْمَسَائِلِ مَعَ الْأَقَلِّ، وَلِهَذَا مَدَحَ اللَّهُ الْقِلَّةَ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ مِنْ كِتَابِهِ.

النَّوْعُ الْخَامِسُ:

أَنْ يَكُونَ أَحَدُهُمَا مُوَافِقًا لِعَمَلِ الْخُلَفَاءِ الْأَرْبَعَةِ دُونَ الْآخَرِ، فَإِنَّهُ يُقَدَّمُ الْمُوَافِقُ، وَفِيهِ نَظَرٌ.

النَّوْعُ السَّادِسُ:

أَنْ يَكُونَ أَحَدُهُمَا تَوَارَثَهُ أَهْلُ الْحَرَمَيْنِ دُونَ الْآخَرِ، وَفِيهِ نَظَرٌ.

النَّوْعُ السَّابِعُ:

أَنْ يَكُونَ أَحَدُهُمَا مُوَافِقًا لِعَمَلِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ، وَفِيهِ نَظَرٌ أَيْضًا١.

النَّوْعُ الثَّامِنُ:

أَنْ يَكُونَ أَحَدُهُمَا مُوَافِقًا لِلْقِيَاسِ دُونَ الْآخَرِ، فَإِنَّهُ يُقَدَّمُ الْمُوَافِقُ.

النَّوْعُ التَّاسِعُ:

أَنْ يَكُونَ أَحَدُهُمَا أَشْبَهَ بِظَاهِرِ الْقُرْآنِ، دُونَ الْآخَرِ، فَإِنَّهُ يُقَدَّمُ الْأَشْبَهُ.

النَّوْعُ الْعَاشِرُ:

أَنَّهُ يُقَدَّمُ مَا فَسَّرَهُ الرَّاوِي لَهُ بِقَوْلِهِ أَوْ فِعْلِهِ عَلَى مَا لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ.

وَقَدْ ذَكَرَ بَعْضُ أَهْلِ الْأُصُولِ مُرَجِّحَاتٍ فِي هَذَا الْقِسْمِ زَائِدَةً عَلَى مَا ذكرناه ههنا، وقد ذكرناه فِي الْأَنْوَاعِ الْمُتَقَدِّمَةِ؛ لِأَنَّهَا بِهَا أَلْصَقُ، وَمِنْ أَعْظَمِ مَا يَحْتَاجُ إِلَى الْمُرَجِّحَاتِ الْخَارِجَةِ إِذَا تَعَارَضَ عُمُومَانِ، بَيْنَهُمَا عُمُومٌ وَخُصُوصٌ مِنْ وَجْهٍ، وَذَلِكَ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ} ٢ مع قوله: {أو مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} ٣ فَإِنَّ الْأُولَى خَاصَّةٌ فِي الْأُخْتَيْنِ، عَامَّةٌ فِي الْجَمْعِ بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ فِي الْمِلْكِ، أَوْ بِعَقْدِ النِّكَاحِ، وَالثَّانِيَةَ عَامَّةٌ فِي الْأُخْتَيْنِ وَغَيْرِهِمَا، خَاصَّةٌ فِي مِلْكِ الْيَمِينِ، وَكَقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "من نام عن صلاة ونسيها فَلْيُصَلِّهَا إِذَا ذَكَرَهَا" ٤ مَعَ نَهْيِهِ عَنِ الصَّلَاةِ فِي الْأَوْقَاتِ الْمَكْرُوهَةِ٥، فَإِنَّ الْأَوَّلَ عَامٌّ فِي الأوقات، خاص في الصلاة المقضية، وَالثَّانِيَ عَامٌّ فِي الصَّلَاةِ، خَاصٌّ فِي الْأَوْقَاتِ، فإن علم المتقدم من العموميين، والمتأخر منهما، كان المتأخر


١ انظر البحر المحيط ٦/ ١٧٩.
٢ جزء من الآية ٢٣ من سورة النساء.
٣ جزء من الآية ٣ من سورة النساء.
٤ تقدم تخريجه في ٢/ ٧٥.
٥ أخرجه أبو داود من حديث عقبة بن عامر، كتاب الجنائز، باب الدفن عند طلوع الشمس وعند غروبها ٣١٩٢. والترمذي، كتاب الجنائز، باب ما جاء في كراهة الصلاة على الجنازة عند طلوع الشمس وعند غروبها ١٠٣٠. وابن ماجه، كتاب الجنائز، باب ما جاء في الأوقات التي لا يصلي فيها ١٥١٩. والدارمي، كتاب الصلاة، باب أي ساعات تكره فيهن الصلاة ١/ ٣٣٣. والبيهقي، كتاب الصلاة، باب النهى عن الصلاة في هاتين الساعتين ٢/ ٤٥٤. وأحمد في مسنده ٤/ ١٥٢. وأبو يعلى في مسنده ١٧٥٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>