للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وإلى هذا الدليل الإشارة بقوله تعالى: {مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ إِذًا لَذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلَا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ} (١)، وقوله: {لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا} (٢).

أي لو قدر تعدد الآلهة لانفرد كل منهم بما خلق، وكان كل منهم يطلب قهر الآخر وخلافه فيعلوا بعضهم على بعض فما كان ينتظم الوجود والمشاهد انتظامه يقول تعالى: {مَا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِنْ تَفَاوُتٍ} (٣) فليس هناك آلهة بل إله واحد لا إله إلا هو سبحانه عما يقول الظالمون علوًا كبيرًا.

ودليل التمانع دليل عقلي مبني على السبر والتقسيم، وليس في الآيات ذلك التقسيم، وإنما فيها الإشارة إلى المعنى، وتأييد نتيجة ذلك الدليل، وهي فساد المصنوع عند تعدد الصانع، وقد رد ابن رشد (٤) على من قال بتضمن الآية لدليل التمانع الذي صوره


= الإقدام للشهرستاني ص ٩١ - ٩٣ وغاية المرام للآمدي ص ١٥١، ١٥٢ وشرح العقائد النسفية ص ٦٢ - ٦٥ وشرح المواقف ص ٦٨ - ٧١. وشرح الطحاوية ص ٢١، ٢٢.
(١) سورة المؤمنون آية (٩١).
(٢) سورة الأنبياء آية (٢٢).
(٣) سورة الملك آية (٣).
(٤) هو أبو الوليد محمد بن أحمد بن محمد بن رشد القرطبي المالكي محدث طبيب. أقبل على الكلام والفلسفة حتى صار يضرب به المثل فيها له مؤلفات كثيرة منها فلسفة ابن رشد. والتحصيل. وفصل المقال فيما بين الحكمة والشريعة من الاتصال. توفي سنة ٥٩٥ وكان مولده في سنة ٥٢٠ من الهجرة.
انظر بغية الملتمس للضبي ص ٥٤ وشذرات الذهب جـ ٤ ص ٣٢٠ والأعلام جـ ٥ ص ٣١٨.

<<  <   >  >>