للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أن يرى المعدوم، فلما كان الله عز وجل موجودا مثبتا كان غير مستحيل أن يرينا نفسه عز وجل". (١)

وسلك ابن تيمية في تقرير هذا الدليل طريقا آخر فلم يجعل المصحح للرؤية الوجود المجرد لأنه يلزم عليه لوازم فاسدة لا تصلح أن تكون مصححا للرؤية، وإنما جعل المصحح لها أمورا وجودية لا أن كل موجود تصح رؤيته لأنها أمر وجودى محض لا يسيطر فيها أمر عدمى. (٢)

[الدليل الثاني]

الاستدلال برؤية الله تعالى للأشياء، ولا يرى الأشياء من لا يرى نفسه. فإذا كانت نفسه تعالى مرئية فجائز أن يريناها لعدم استحالة الرؤية عليها.

واستدل بهذا الدليل أبو الحسن الأشعرى فقال: "ومما يدل على رؤية الله سبحانه بالأبصار أن الله عز وجل يرى الأشياء وإذا كان للأشياء رائيا. فلا يرى الأشياء من لا يرى نفسه، وإذا كان لنفسه رائيا فجائز أن يرينا نفسه وذلك أن من لا يعلم نفسه لا يعلم شيئا فلما كان الله عز وجل عالما بالأشياء كان عالما بنفسه، فلذلك من لا يرى


(١) الإِبانة في أصول الديانة للأشعري ص (١٦) وانظر شرح المواقف للجرجاني ص (١٩٧ - ١٩٩)، غاية المرام في علم الكلام للآمدي ص (١٥٩)، الإِرشاد للجويني ص (١٧٧)، الأربعين في أصول الدين للرازي ص (١٩١)، الإِقتصاد في الإِعتقاد للغزالي ص (٦٠ - ٦٢)، العقائد النسفية بشرح التفتازاني ص (١٠٤، ١٠٥).
(٢) انظر بيان تلبيس الجهمية في تأسيس بدعهم الكلامية لابن تيمية (١: ٣٥٧، ٣٥٩)، مجموع الفتاوى له (٦: ١٣٦).

<<  <   >  >>