للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قلنا: أما إثبات الأصابع لله تعالى حقيقة فإنا نقول به ونثبتها صفة له تعالى على ما يليق بجلاله، كما أثبتها له أعلم الخلق به رسوله صلى الله عليه وسلم. ولا نشبه شيئا من صفات ربنا بشيء من صفات خلقه أما كون القلوب بين أصبعين من أصابعه حقيقة على ما يفهم من كون الشيء بين أصبعين من أصابع المخلوق فهذا مما لا يدل عليه الحديث ولا يفهم منه ذلك بالنسبة لله تعالى وفي نص الحديث: "إن قلوب العباد بين أصبعين من أصابع الله كقلب واحد" ولم يقل: "إن كل قلب من قلوب العباد بين أصبعين من أصابع الله" فقوله: "إن قلوب العباد" ثم قوله "إنها كقلب واحد" مبعد لاحتمال ما ذكرتم والله تعالى وتقدس بائن من خلقه. وليس شيء منه تعالى حالا في مخلوقاته أو بشيء منها وصفات الله تعالى تليق به فلا يقاس بشيء من خلقه فيشبه فعله بفعلهم وصفاته بصفاتهم. وتشبيهكم له بخلقه هو الذي جعلكم تعطلونه عما هو ثابت له على ما يليق به فصفات الخالق تليق بعظمته وكماله، وصفات المخلوق تناسب عجزه وافتقاره.

[(١٣) الجنب]

يقول أبو محمد بن حزم في قوله تعالى حاكيا عن قول قائل {يَاحَسْرَتَا عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ وَإِنْ كُنْتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ} (١).

وهذا معناه فيما يقصد به إلي الله عز وجل وفى جنب عبادته. (٢).

وأرى صحة هذا القول في معنى الآية الكريمة لأمرين:


(١) سورة الزمر: آية (٥٦).
(٢) انظر الفصل (٢: ١٦٦).

<<  <   >  >>