للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فيضحك عنده ويجعل بدل وجوب التكبير والغضب على المتكلم به ضحكا تبدو نواجذه تصديقا وتعجبا لقائله، لا يصف النبي صلى الله عليه وسلم بهذه الصفة مؤمن مصدق برسالته" (١).

فضحك الرسول الأمين صلى الله عليه وسلم، وعدم إنكاره دليل على صحة وصف الله تعالى بالأصابع. فالسنة كل ما أثر عن الرسول صلى الله عليه وسلم من قول أو فعل أو تقرير، وسكوت الرسول صلى الله عليه وسلم تقرير لكلام اليهودي، ولو لم يكن لله تعالى أصابع حقيقة لبين ذلك الرسول صلى الله عليه وسلم بهذه المناسبة ولم يسكت عن البيان ويضحك متعجبا من استعظام اليهودي لهذه القدرة الإِلهية.

فضحك الرسول صلى الله عليه وسلم تعجبا من كون هذا اليهودي يستعظم ذلك في قدرة الله تعالى فقرأ لذلك قوله تعالى: {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ} أي أن ما ذكر اليهودي ليس بجانب قدرة الله تعالى بعظيم فليس قدره في القدرة على ما يخلق على الحد الذي ينتهي إليه الوهم ويحيط به الحصر فهو تعالى قادر على إمساك مخلوقاته على غير شيء كما هي عليه اليوم (٢).

فإن قيل: إنكم أثبتم لله تعالى أصابع حقيقة، فهل تعتقدون أن القلوب بين أصابع الله تعالى على الحقيقة كما نفهم من ظاهر النص فإن كان الجواب بالإيجاب، كانت أصابع الله تعالى وتقدس حالة في صدور العباد إذ هي مكان القلوب، وهذا مما لا تقولون به، وإن كان بالنفي فليست بحقيقة عندكم كما هي عندنا؟


(١) كتاب التوحيد لابن خزيمة (ص ٧٦)، وانظر الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح لابن تيمية (٣: ١٤٧).
(٢) انظر فتح الباري لابن حجر (١٣: ٣٩٨).

<<  <   >  >>