وكذلك إذا عرضنا على العقل من فعل الأفعال المتعاقبة مع حدوثها ومن لا يفعل حادثا أصلا، لئلا يكون عدمه قبل وجوده عدم كمال، شهد صريح العقل بأن الأول أكمل". (١)
يبين ابن تيمية أن الكمال في إثبات قيام الأفعال بذات البارىء سبحانه وتعالى وقدرته على الفعل القائم به والمنفصل عنه، والقدرة على الأفعال الدائمة والمتعاقبة وفعلها دائمة متعاقبة مع حدوثها بخلاف من لا يفعل حادثا أصلا فليس في هذا كمال، لأن فيه نفي للقدرة والفعل مع أن سبب نفيهم للفعل الحادث هو الخوف من عدم الفعل في الأزل فعطلوا لأجل ذلك الله تعالى عن الفعل مطلقا.
وفي إثبات الفعل الحادث بالقدرة الإِلهية إثبات كمال لله تعالى وهو قدرته وفعله لهذه الأفعال وإن لزم من ذلك عدم الفعل في الأزل قبل هذا الفعل الحادث، إذ أن عدم القدرة والفعل المطلقين، ليس كالفعل والقدرة المستمرين في الكمال وإن سبقهما العدم والأدلة النقلية والعقلية الدالة على قيام الأفعال الاختيارية بذات الله تعالى كثيرة جدا يطول بنا المقام لو حاولنا استقصاءها ومناقشة الأقوال فيها، والرد عليها فاقتصرنا على تلك الإِشارة إلى بعضها بما رأينا فيه كفاية لإِزالة الشبهة التي نحن بصدد الجواب عليها.
[الرد على الشبهة الثانية]
قبل الشروع في الرد على الشبهة نبين كيف ترد على كل الروايات التي رويت في النزول فنقول: