للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بل في "خلق" ضمير يعود إلى الفاعل كما في "استوى"" (١)

ويدل من طريق العقل أن أفعال الله تعالى تقوم به:

أن من يفعل بمشيئة واختيار، فإن شاء فعل، وإن لم يشأ لم يفعل أكمل ممن يكون الفعل لازمًا له، والفاعل لا بد له من فعل ولا يكون فاعلا إلا من قام به الفعل.

ولو لم يتصف الله تعالى بالنزول، والمجىء، والإِتيان وغير ذلك من صفات الأفعال التي وصف بها نفسه أو وصفه بها رسوله صلى الله عليه وسلم لكان من يتصف بذلك من خلقه أكمل منه وأتم، ولا يقول بهذا أحد وفي القاعدة الكلامية المشهورة: أن كل كمال ثبت لمخلوق من غير أن يستلزم نقصا بوجه من الوجوه فالخالق تبارك وتعالى أولى به من كل مخلوق. وكل نقص تنزه عنه مخلوق فالخالق سبحانه وتعالى أولى بتنزهه عنه من كل موجود. (٢)

ويقول ابن تيمية في بعض استدلاله على قيام الأفعال الاختيارية بذات الله سبحانه وتعالى: "فإن المثبتين يقولون كونه قادرا على الفعل بنفسه صفة كمال، كما أن قدرته على المفعول المنفصل صفة كمال فإنا إذا عرضنا على صريح العقل من يقدرعلى الفعل القائم به والمنفصل عنه ومن لا يقدر إلا على أحدهما علم أن الأول أكمل كما إذا عرضنا عليه من يعلم نفسه وغيره، ومن لا يعلم إلا أحدهما وأمثال ذلك، ويقول من يجوز دوام الحوادث وتسلسلها: إذا عرضنا على صريح العقل من يقدر على الأفعال المتعاقبة الدائمة ويفعلها دائمة متعاقبة ومن لا يقدر على الدائمة المتعاقبة كان الأول أكمل.


(١) موافقة صريح المعقول لابن تيمية (٢: ٣، ٤)، وانظر مختصر الصواعق المرسلة (٢: ٣٨٥).
(٢) انظر موافقة صريح المعقول (٢: ١١٩).

<<  <   >  >>