للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ}. (١)

وفي الآيات بيان لفعل سيكون أو كان من الله تعالى هو إتيانه ومجيئه يوم القيامة، واستواؤه على العرش بعد أن خلق السموات والأرض.

فدلت هذه الآيات على اتصاف الله تعالى بالأفعال الاختيارية وغير هذه الآيات كثير مما هو مشتمل على الصفات الدالة على أن الله تعالى يفعل بقدرته ومشيئته. وكذلك الأحاديث المتضمنة لمثل ذلك كأحاديث النزول وغيرها لأن الفعل لا بد له من فاعل سواء كان متعديا إلى مفعول أو لم يكن والفاعل لا بد له من فعل سواء كان فعله مقتصرا عليه أو متعديا إلى غيره.

يقول ابن تيمية: "فإن الله تعالى وصف نفسه بالأفعال اللازمة كالاستواء وبالأفعال المتعدية كالخلق، والفعل المتعدي مستلزم للفعل اللازم فإن الفعل لا بد له من فاعل سواء كان متعديا إلى مفعول أو لم يكن والفاعل لا بد له من فعل سواء كان فعله مقتصرا عليه أو متعديا إلى غيره والفعل المتعدي إلى غيره لا يتعدى حتى يقوم بفاعله .. فقوله {هُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ} (٢) تضمن فعلين أولهما متعد إلى المفعول به، والثاني مقتصر لا يتعدى فإذا كان الثاني وهو قوله "ثم استوى" فعلا متعلقا بالفاعل فقوله خلق كذلك بلا نزاع بين أهل العربية. ولو قال قائل: خلق لم يتعلق بالفاعل بل نصب المفعول به ابتداء كان جاهلا


(١) سورة الأعراف: آية (٥٤).
(٢) سورة الأعراف: آية (٥٤).

<<  <   >  >>