للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[٨ - وفاته]

عاش ابن حزم حياة زاخرة بالمحن والمصائب، فلم يستذل لها، ولا انقادت له فلم يستقر بعد بلوغه العشرين من العمر تقريبا في مدينة أو قرية معينة بل كان يتنقل بين المدن والقرى الأندلسية ولم يغادر الأندلس إلى سواها (١).

انتقل أولا من قرطبة إلى المرية ثم منها نفى إلى حصن القصر. ثم ذهب إلى بلنسية ثم رجع إلى قرطبة، ولم يطل استقراره هناك، وقد نزل شاطبة وبها ألف كتابه الطوق (٢). وكانت مناظرته للباجي في ميورقه، وأحرق المعتضد كتبه في أشبيليه وقد صور لنا حاله في آخر كتابه الطوق وهو أول مؤلفاته كما نعلم وقد استمرت حاله على ما كان، قال: "الكلام في مثل هذا إنما هو مع خلاء الذرع وفراغ القلب .. وأنت تعلم أن ذهني متقلب وبالى مهصر بما نحن فيه من نبو الديار والخلاء عن الأوطان .. وتغير الزمان ونكبات السلطان


(١) ذكر كثير ممن ترجموا لابن حزم أنه انتقل إلى القيروان في المغرب وقد اعتمدوا على ما جاء في طوق الحمامة: "ولقد سألنى يوما أبو عبد الله محمد بن كليب من أهل القيروان أيام كونى بالمدينة" ص ١٣٢. ولفظة المدينة هنا محرفة عن "المرية" جرى بها قلم ناسخ المخطوطة الوحيدة التي اعتمد في طبعه عليها. وقد ثبت ذهابه للمرية. ولو رحل إلى المغرب لقابل هناك غير ابن كليب من أهل القيروان وغيرها من أهل المغرب، ورحلاته ليست عادية ففي كلها له أثر وعليه تأثير لو صح ذهابه لجاء له ذكر كثير عنده واتضح أثر ذلك خاصة في كتابه الطوق. انظر دراسات عن ابن حزم وكتاب الطوق، ص ٧، ٨. وابن حزم صورة أندلسية ص ٩٤.
(٢) انظر الطوق ص ٥١.

<<  <   >  >>