للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

نفسه لا يرى الأشياء، فلما كان الله عز وجل رائيا للأشياء كان رائيا لنفسه، وإذا كان رائيا لها فجائزان يرينا نفسه كما أنه لما كان عالما بنفسه جاز أن يعلمناها وقد قال تعالى {إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى}. (١) فأخبر أنه سمع كلامهما ورآهما، ومن زعم أن الله عز وجل لا يجوز أن يرى بالأبصار يلزمه أن لا يجوز أن يكون الله عز وجل رائيا ولا عالما ولا قادرا لأن العالم القادر الرائى جائز أن يرى" (٢)

ثانيًا: أدلة وقوع الرؤية

[الدليل الأول]

ما ذكر ابن حزم ونذكره لبيان وجه الاستدلال - هو قوله تعالى {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ (٢٢) إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ}. (٣)

وجهه الاستدلال من الآية: أن النظر في اللغة يرد لمعان كثيرة مختلفة فإذا تجرد عن الصلات وتعدى بنفسه كان بمعنى التوقف والانتظار وفي لسان العرب" النظر الانتظار يقال نظرت فلانا وانتظرته بمعنى واحد فإذا قلت انتظرت فلم يجاوزك فعلك فمعناه، وقفت، وتمهلت، ومنه قوله تعالى {انْظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ}. (٤) قرىء انظرونا، وأنظرونا بقطع الألف، من قرأ بضم الألف فمعناه انتظرونا،


(١) سورة طه: آية (٤٦).
(٢) الإِبانة لأبي الحسن الأشعري ص (١٦)، وانظر نهاية الإِقدام في علم الكلام للشهرستاني ص (٣٥٨)، الملل والنحل له (١: ١٠٠)، الإِقتصاد في الإِعتقاد للغزالي ص (٦٩).
(٣) سورة القيامة: الآيتان (٢٢، ٢٣).
(٤) سورة الحديد: آية (١٣).

<<  <   >  >>