للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولا شك أن من يعمل بإرادة واختيار أكمل ممن يكون العمل لازمًا له، لأن الثاني لا يسمى قادرًا على الفعل.

والإِرادة ينقسم جنسها إلى محمود ومذموم كالعدل، والظلم والله تعالى لا يوصف إلا بالمحمود دون المذموم فأتى ما يوصف الله تعالى به من الإرادة في أسماء تخص المحمود كاسمه الحكيم والرحيم والرؤوف والحليم ونحو هذا مما يتضمن معنى الإرادة. ونزه نفسه عن بعض أنواعها بقوله: " {وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْمًا لِلْعِبَادِ} " (١). وقوله: " {وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} " (٢). وأثبت إرادته بما فيه الرأفة والرحمة بالعباد بقوله: " {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ} " (٣). وقوله: " {يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ} " (٤) (٥).

الأدلة العقلية على أن الله متصف بالإِرادة:

[الدليل الأول]

أن الحي إذا لم يتصف بالإِرادة اتصف بضدها كالسهو والإِكراه وما في معناهما من الآفات. كما أنه إذا لم يكن عالمًا أصلًا كان موصوفًا بضد ذلك من الجهل والسهو والغفلة أو الموت أو ما أشبه ذلك، فيستحيل أن يكون الله تعالى لم يزل موصوفًا بضد الإِرادة لأن هذا


(١) سورة غافر: آية (٣١).
(٢) سورة البقرة: آية (١٨٥).
(٣) سورة البقرة: آية (١٨٥).
(٤) سورة النساء: آية (٢٨).
(٥) انظر شرح العقيدة الأصفهانية لابن تيمية ص (٥، ٩) ونقض المنطق له ص (٢)، ومجموع الفتاوى (٦: ١٤٢). وشفاء العليل لابن القيم ص (٥٦٣، ٥٦٤).

<<  <   >  >>