للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

"إنا هديناه السبيل" (١) فبين تعالى أن الذي هداهم له هو الطريق فقط وكذلك أيضًا قوله تعالى: "ألم نجعل له عينين ولسانًا وشفتين وهديناه النجدين" (٢) أي بينا له طريقي الخير والشر.

ويكون الهدى بمعنى التوفيق والعون على الخير والتيسير له وخلقه لقبول الخير في النفوس فهذا هو الذي أعطاه الله عز وجل الملائكة كلهم والمهتدين من الإنس والجن، ومنعه الكفار من الطائفتين والفاسقين فيما فسقوا فيه ولو أعطاهم إياه تعالى لما كفروا ولا فسقوا.

(وقال أبو محمد) وقوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَظَلَمُوا لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلَا لِيَهْدِيَهُمْ طَرِيقًا (١٦٨) إِلَّا طَرِيقَ جَهَنَّمَ} (٣).

هو نص جلي على ما قلنا وبيان أن الدلالة لهم على طريق جهنم يحملون فيه إليها هدى لهم إلى تلك الطريق ونفى عنهم تعالى في الآخرة كل هدى إلى شيء من الطرق إلا طريق جهنم ونعوذ بالله من الضلال (٤).

[الأضلال]

يذهب أبو محمد بن حزم، إلى أن الله تعالى يضل من يشاء من خلقه لقوله سبحانه وتعالى في الآيات التي سقناها في الكلام على الهدى والتوفيق. إن الله لا يهدي من يضل، وإنه أضل من شاء من خلقه وجعل صدورهم ضيقة حرجة.


(١) سورة الإنسان: آية (٣).
(٢) سورة البلد: الآيات (٨، ٩، ١٠).
(٣) سورة النساء: الآيتان (١٦٨، ١٦٩).
(٤) انظر الفصل لابن حزم (٣: ٤٤، ٤٥).

<<  <   >  >>