للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أَجْمَعِينَ} (١) وقال تعالى: {وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى الْهُدَى} (٢).

في هذه الآيات التي سردنا وغيرها على هذا النحو كثير وكله كلام الله عز وجل لا يتعارض ولا يبطل بعضه بعضا قال تعالى: {وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا} (٣).

فصح يقينًا أن كل ما أوردنا من الآيات متفق لا مختلف فنظرنا فيها فوجدناها ظاهرة لائحة وهو أن الله تعالى أخبر أنه هدى ثمود فلم يهتدوا، وهدى الناس كلهم السبيل ثم هم بعد إما شاكرًا وإما كفورًا، وأخبر تعالى في الآيات الأخرى أنه هدى قومًا فاهتدوا ولم يهد آخرين فلم يهتدوا، وأنه لم يشأ أن يؤتى كل نفس هداها، ولا أن يجمع الناس كلهم على الهدى، فعلمنا ضرورة أن الهدى الذي أعطاه الله عز وجل جميع الناس هو غير الذي أعطاه بعضهم ومنعه بعضهم فلم يعطهم إياه هذا أمر معلوم بضرورة العقل وببديهته، فإذ لا شك في ذلك فقد لاح الأمر وهو أن الهدى في اللغة العربية من الأسماء المشتركة وهي التي يقع الاسم منها على قسمين مختلفين بنوعهما فصاعدًا.

فالهدى يكون بمعنى الدلالة تقول: هديت فلانًا الطريق بمعنى أريته إياه ووقفته عليه وأعلمته إياه سواء سلكه أو تركه وتقول فلان هاد بالطريق أي دليل فيه فهذا الهدى الذي هداه الله ثمود وجميع الجن والملائكة، وجميع الإنس كافرهم ومؤمنهم لأنه تعالى دلهم على الطاعات والمعاصي وعرفهم ما يسخط مما يرضى يبين هذا قوله تعالى:


(١) سورة السجدة: آية (١٣).
(٢) سورة الأنعام: آية (٣٥).
(٣) سورة النساء: آية (٨٢).

<<  <   >  >>