للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

طلب له" (١).

[دليل ابن حزم على وجوب النبوة إذا وقعت]

يستدل بقوله إنه لما صح أن الله تعالى ابتدأ العالم ولم يكن موجودًا حتى خلقه الله تعالى فبيقين ندري أن العلوم والصناعات لا يمكن البتة أن يهتدي أحد إليها بطبعه فيما بيننا دون تعليم كالطب ومعرفة الطبائع والأمراض وسببها على كثرة اختلافها ووجود العلاج لها بالعقاقير التي لاسبيل إلى تجريبها كلها أبدًا، وكيف يجرب كل عقار في كل علة ومتى يتهيأ هذا ولا سبيل له إلا في عشرة آلاف من السنين ومشاهدة كل مريض في العالم وهذا يقع دونه قواطع الموت والشغل بما لابد منه من أمر المعاش وذهاب الدول وسائر العوائق، وغير ذلك من العلوم التي لا يمكن إدراكها إلا في مدة طويلة ولا يمكن الاهتداء إليها ابتداء دون تعليم فوجب بالضرورة ولابد أنه لابد من إنسان واحد فأكثر علمهم الله تعالى ابتداء كل هذا دون معلم لكن بوحي حققه عنده وهذه صفة النبوة إذ لابد من نبي أو أنبياء ضرورة فقد صح وجود النبوة والنبي في العالم بلا شك (٢).

وبعد أن بين ابن حزم النبوة وصحة وجودها في العالم لما حصل فيه من العلم الذي صعب إدراكه بالبحث والتتبع، بيّن البراهين التي يعلم بها صحتها ممن ادعاها فذكر بعض المعجزات التي أيد الله بها


(١) الفصل لابن حزم (١: ٧١) بتصرف. وانظر الأصول والفروع (١: ١٨١، ١٨٢).
(٢) انظر الفصل لابن حزم (١: ٧١، ٧٢).

<<  <   >  >>