للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والمفعول لأجله مراد للفاعل ومحبوب له، والمراد المحبوب تارة يكون مرادًا لنفسه وتارة يكون مرادًا لغيره، والمراد لغيره لابد أن ينتهي إلى المراد لنفسه قطعًا للتسلسل.

والله سبحانه يخلق لحكمة وتلك الحكمة لحكمة حتى ينتهى الأمر إلى حكمة لا حكمة فوقها.

يقول ابن القيم: "إن التسلسل إما أن يكون ممكنًا أو ممتنعًا، فإن كان ممكنًا بطل استدلالكم. وإن كان ممتنعًا أمكن أن يقال في دفعه تنتهي المرادات إلى مراد لنفسه لا لغيره، وينقطع التسلسل" (١).

ومما يلزم المانعين لتسلسل الحوادث في الماضى والنافين للحكمة، أن يقال لهم: إنكم تقولون بإحداث الله تعالى لسائر المفعولات بعد ان لم تكن، وليس من فرق بينكم وبين من يقول بالتعليل إذ القول في حدوث الحكمة كالقول في حدوث المفعول المستعقب للحكمة فما لزم هذا لزم ذاك (٢).

الوجه الرابع:

تسليم التسلسل في إثبات الحكمة:

يقول ابن القيم: "إن الرب تبارك وتعالى إذا خلق شيئًا فلا بد من وجود لوازمه، ولابد من عدم أضداده، فوجود الملزوم بدون لازمة


(١) شفاء العليل: ص (٤٤٨)، وانظر ص (٤٤٤).
(٢) انظر رسالة الإرادة والأمر ضمن المجموعة الكبرى لابن تيمية (١: ٣٨٦، ٣٨٧).

<<  <   >  >>