للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قلنا: سؤال فرعون من حيث هو سؤال عن الماهية الاعتبارية (١). فهو يطلب معرفة الماهية وخصوصية الحقيقة وموسى عليه السلام أجابه بالفاعلية والمؤثرية وهي لا تفيد الحقيقة المسئول عنها. ولما رأى موسى استنكار فرعون لجوابه تعجبًا من هذا الجواب، كرر الجواب موسى عليه السلام بما هو أظهر {قَالَ رَبُّكُمْ وَرَبُّ آبَائِكُمُ الْأَوَّلِينَ} (٢) فقال فرعون عند هذا {إِنَّ رَسُولَكُمُ الَّذِي أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ لَمَجْنُونٌ} (٣) فهو لا يفهم السؤال فضلًا عن أن يجيب عنه، فكرر الجواب موسى بما هو أوضح من سابقه بقوله {رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَمَا بَيْنَهُمَا إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ} (٤) أي إن كنت من العقلاء، عرفت أنه لا جواب لهذا السؤال من أحد من العالم بالنسبة لله تعالى إلا هذا الجواب لأن حقيقة الباري سبحانه وتعالى من حيث هي هي غير معقولة للعالم بل المعقول لهم لوازمه وآثاره سبحانه وهي حقائق ظاهرة تدل بعظمها على أن الفاعل لها فرد صمد قوى قاهر لا يعجزه شيء ولا يحيط به أحد من خلقه تعالى وتقدس. (٥).

٤ - صفات الله تعالى من حيث الإِطلاق العام:

يذهب أبو محمد بن حزم إلى نفي إطلاق لفظ الصفات لله تعالى لأنه تعالى لم ينص في كلامه المنزل على الصفات، ولا على لفظ الصفة، ولم يحفظ ذلك عن النبي محمد صلى الله عليه وسلم، ولم يرد


(١) الماهية الإعتبارية هي ما لا وجود له إلا في عقل المعتبر ما دام معتبرًا يسأل عنها بما هو. انظر التعريفات للجرجاني ص ١٧٢.
(٢) سورة الشعراء آية (٢٦).
(٣) سورة الشعراء آية (٢٧).
(٤) سورة الشعراء آية (٢٨).
(٥) انظر التفسير الكبير للرازي جـ ٢٤ ص ١٢٩، ١٣٠.

<<  <   >  >>