للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وإذا كانت محدثة وجب على هذا أن يكون الله تعالى غير مريد قبل ذلك فيكون معطلًا تعالى الله عن هذا علوًا كبيرًا.

ثم لو كانت الإرادة محدثة لم يجز خروجها بدلا من ضدها إلا بإرادة أخرى، وتلك الإرادة بإرادة أخرى إلى غير نهاية، وذلك يحيل الحوادث رأسًا فدل ذلك على أن ارادة الله قديمة (١).

واستدلال ابن حزم بالآية على ما ذهب إليه، لا يستقيم، وليس في الآية دلالة على قدم مراد الله، إذا كانت إرادته قديمة، وخاصة على مذهب من يقول بتجدد الإرادة عند إرادة الله تعالى إيجاد الأشياء في وقتها المخصص لإيجادها، لأن على مذهب هؤلاء أن الله متصف بالإرادة أزلًا وأبدًا، ولا يقال إن الكه يكون مريدًا في وقت دون وقت، فنوع الإرادة قديم وآحادها متجددة عند إرادة الله تعالى إحداث الأشياء فتحدث عقب إرادته للشيء وقوله تعالى {كُنْ} فيكون عقبة لامعة في الزمان، ولا متراخيًا عنه (٢).

[٥ - الكلام]

مذهب ابن حزم في القرآن أنه كلام الله عز وجل على الحقيقة بلا مجاز نزل به جبريل عليه السلام على قلب محمد صلى الله عليه وسلم كما قال تعالى: {نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ (١٩٣) عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ


(١) انظر المعتمد في أصول الدين ص (٧٣). والإبانة لأبي الحسن الأشعري ص (٤٢).
(٢) انظر فتاوى ابن تيمية (١٦: ٣٨١، ٣٨٢) ومدارج السالكين لابن القيم (٧١: ١).

<<  <   >  >>