للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والقول بنفي الإِرادة القديمة يلزم منه التعطيل قبل ذلك أي أن الله سبحانه وتعالى لم يزل غير مريد ثم صار مريدًا تعالى الله عن ذلك علوًا كبيرًا" (١).

واستدلال ابن حزم على عدم أزلية الإِرادة، بأنها لو كانت لم تزل لكان المراد لم يزل لقوله تعالى: " {إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} " (٢). فغير مسلم، ولا يلزم من قدم الإِرادة قدم المراد بل إن المراد متأخر عنها (٣).

يقول القاضي أبو يعلى: "والإرادة ليست بموجبة أصلًا سواء كانت مقدورة للمريد ومن فعله أو غير مقدور وغير فعل له، وسواء كانت الإِرادة قديمة أو محدثة أو قبل المراد أو معه .. والدلالة عليه أن كونها موجبة لا يخلو إما أن تكون بمعنى أنها سبب مؤكد للمراد، أو على أنها علة للحكم، أو على أنها فارضة ملزمة له، فيستحيل أن تكون مؤكدة لقيام الدلالة على إرادة قديمة، والإِرادة القديمة لا يصح أن تكون علة للمحدث ولا سببًا له، لأن السبب والعلة لا تتقدم مشيئته ومعلوله، ولا يجوز أن تكون ملزمة وفارضة لأن الملزم لا يكون ملزمًا إلا بالزام وذلك محال في صفة الإِرادة .. لقيام الدلالة على أن جميع أفعال العباد حادثة من قبل الله تعالى، وبقدرته القديمة دون قدرة العبد واستحال كون العبد محدثًا موجدًا" (٤).

ولنا أن نقول: إذا كانت إرادة الله تعالى غير قديمة فهي محدثة،


(١) انظر شرح العقيدة الطحاوية ص (٧١، ٧٢).
(٢) سورة يس: آية (٨٢).
(٣) انظر مجموع فتاوى ابن تيمية (٥: ٥٣٠)، وشرح الأصفهانية له ص (٤٣).
(٤) المعتمد في أصول الدين ص (٧٩، ٨٠). وانظر بيان تلبيس الجهمية لابن تيمية (١: ٢٠٥ - ٢٠٧). وشفاء العليل لابن القيم ص (٤٤٩).

<<  <   >  >>