للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الكمال وجب له، فإنه لو لم يجب له لكان إما ممتنعًا وهو محال. وإما ممكنا فيتوقف ثبوته له على غيره، والرب لا يحتاج في ثبوت كماله إلى غيره فإن معطي الكمال أحق به، فيلزم أن يكون غيره أكمل منه لو كان غيره معطيًا له الكمال وهذا ممتنع، بل هو بنفسه المقدسة مستحق لصفات الكمال فلا يتوقف ثبوت كونه مريدًا على غيره فيجب ثبوت كونه مريدًا، وأن ذلك لم يزل ولا يزال.

ثم إن من يفعل بإرادة أكمل ممن يكون الفعل لازمًا له بدون إرادة، والذي لم يزل مريدًا لما شاء أكمل ممن صار مريدًا بعد أن لم يكن له إرادة (١).

والدليل على قدم إرادة الله تعالى قوله: " {ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ (١٥) فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ} " (٢). والفعل والإرادة متلازمان فما أراد أن يفعل فعل، وما فعله فقد أراده فهو سبحانه يفعل بإرادة ومشيئة ولم يزل كذلك، لأنه سبحانه ذكر - فعله لما يريد - في معرض المدح والثناء على نفسه، وأن ذلك من كماله سبحانه ولا يجوز أن يكون عادمًا لهذا الكمال في وقت من الأوقات أزلًا وأبدًا (٣).

ويدل أيضًا على قدم إرادة الله تعالى، ما ذكرنا في الدليل الأول من أدلة اتصاف الله تعالى بالإِرادة وقد سبق قريبًا (٤).


(١) انظر قاعدة في صفة الكلام لابن تيمية ضمن الرسائلة المنيرية المجلد الأول (٢: ٨٠، ٨١). وشرح الأصفهانية ص (٨٥، ٨٦). وموافقة صحيح المنقول (١: ١٤، ١٥).
(٢) سورة البروج: الآيتان (١٥، ١٦).
(٣) انظر شرح العقيدة الطحاوية ص (٧٠، ٧١).
(٤) انظر ص (٢٤٥، ٢٤٦).

<<  <   >  >>