للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يرى أبو محمد بن حزم أن اختلاف الزمن المحدد في البلاد باختلاف المطالع والمغارب، مما يبعد حمل النزول على الحقيقة لأن تحديد النزول بوقت محدد، كما في ألفاظ الحديث - ثلث الليل الآخر، أو إذا مضى شطر الليل أو ثلثاه، أو مضى ثلثه الأول إلى أن يضىء الفجر، والمتواتر من هذه الروايات: إذا بقى ثلث الليل الآخر (١) - وحمله على الحقيقة أي أن الله تعالى ينزل إلى السماء الدنيا تلك المدة بالنسبة لكل أهل مكان يجعله دائما نازلا، لأن مدة النزول تكون إما سدس الزمان أو ربعه أو سدسه أو ربعه على اختلاف الروايات في ذلك.

إذ أن لفظ الليل والنهار في كلام الشارع إذا أطلق من غروب الشمس إلى طلوعها ومن طلوعها إلى غروبها على الراجح. (٢)

والشبهة المذكورة واردة على كل رواية وليس بالأخذ بأي رواية منها ما ترد به الشبهة. وإنما ترد بما يلي:

قلنا في أثناء الرد على الشبهة الأولى: أن أهل السنة والجماعة يثبتون قيام الأفعال الاختيارية بذاته تعالى، وإثباتهم ذلك له على ما يليق به وينايسب كمال جلاله وعظمته، فإثبات نزول الله تعالى ومجيئه وإتيانه على الوجه الذي يليق به.

فلا يثبتون له مجيئا وإتيانا ونزولا كما يكون للخلق إذا فعلوا ذلك من شغل محل وتفريغ آخر ومن كون ما نزلوا عنه فوق ما نزلوا إليه وغير ذلك مما هو لازم للمخلوقين إذا فعلوا شيئا من ذلك ومثل هذا ممتنع في حق الله تبارك وتعالى والله منزه عما يكون من صفات المحدثين ومن سمات المربوبين.


(١) انظر شرح حديث النزول لابن تيمية ص (١٠٧).
(٢) انظر شرح حديث النزول ص (١٠٨، ١١٠).

<<  <   >  >>