للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الأول: أن قول من قال: إن الجنب من صفات الله تعالى (١) لا دليل عليه. ولم يرد إثباته لله تعالى، وإنما جاء مضافًا إلى الله تعالى فيما حكاه عن قول قائل: "ياحسرتا على ما فرطت في جنب الله" ومجرد هذه الإضافة، لا يقتضى كون المضاف إلى الله صفة له كما في قوله تعالى حاكيا قول رسوله صالح عليه السلام لقومه: {نَاقَةَ اللَّهِ وَسُقْيَاهَا} (٢) وقوله تعالى {وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ} (٣) وغير هذا مما هو مضاف إلى الله تعالى وليس هو من صفاته بالاتفاق.

يقول ابن تيمية بعد ذكر الآية: "فليس في مجرد الإِضافة ما يستلزم أن يكون المضاف إلى الله صفة له، بل قد يضاف إليه من الأعيان المخلوقة وصفاتها القائمة بها ما ليس بصفة له باتفاق الخلق كقوله تعالى "بيت الله" (٤) و {نَاقَةَ اللَّهِ} (٥)، و {عِبَادَ اللَّهِ} (٦). بل وكذلك "روح الله" (٧) عند سلف المسلمين وأئمتهم وجمهورهم، ولكن إذا


(١) انظر المواقف (ص ١٧٧، ١٧٨).
(٢) سورة الشمس: آية، (١٣).
(٣) سورة الفرقان: آية (٦٣).
(٤) قوله "بيت الله" لم ترد في القرآن بهذا اللفظ فلعله يقصد ما في القرآن من نحو قوله تعالى {وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَنْ طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ} سورة البقرة: آية (١٢٥)، وقوله حكاية عن إبراهيم عليه السلام {رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ} سورة إبراهيم: آية (٣٧).
(٥) سورة الأعراف: آية (٧٣)، سورة هود: آية (٦٤)، سورة الشمس: آية (١٣).
(٦) سورة الصافات: الآيات (٤٠، ٧٤، ١٢٨، ١٦٠، ١٦٩)، الدخان: آية (١٨)، الإنسان: آية (٦).
(٧) جاء في القرآن الكريم قوله تعالى "روح القدس" في سورة البقرة: الآيتان (٨٧، ٢٥٣)، المائدة: آية (١١٠)، النحل: آية (١٠٢).

<<  <   >  >>