للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والملازمة بين تعدد الآلهة وفساد السموات والأرض عادية فإن العادة جارية بوجود التمانع والتغالب عند تعدد الحاكم على ما أشير إليه بقوله تعالى "ولعلا بعضهم على بعض" وإلا فإن أريد الفساد بالفعل أي خروجهما عن هذا النظام المشاهد فمجرد التعدد لا يستلزم الفساد لجواز الاتفاق على هذا النظام. وإن أريد إمكان الفساد فلا دليل على انتفائه بل النصوص شاهد بطي السموات وخرابها ورفع هذا النظام الذي يسير به الكون بقوله تعالى: {يَوْمَ نَطْوِي السَّمَاءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْدًا عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ} (١) ويقول: {إِذَا السَّمَاءُ انْفَطَرَتْ (١) وَإِذَا الْكَوَاكِبُ انْتَثَرَتْ (٢) وَإِذَا الْبِحَارُ فُجِّرَتْ (٣) وَإِذَا الْقُبُورُ بُعْثِرَتْ} (٢) ويقول. {إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ (١) وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ (٢) وَإِذَا الْأَرْضُ مُدَّتْ (٣) وَأَلْقَتْ مَا فِيهَا وَتَخَلَّتْ (٤) وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ (٥)} (٣) ويقول: {إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ (١) وَإِذَا النُّجُومُ انْكَدَرَتْ (٢) وَإِذَا الْجِبَالُ سُيِّرَتْ (٣)} (٤)، وما معنى هذه الآيات إلا خراب هذا الكون ونظامه وتغيره في يوم القيامة يقول تعالى: {يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتُ وَبَرَزُوا لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ} (٥) فهو ممكن لا محالة ولا يمكن القول بأن الملازمة قطعية والمراد بفسادهما عدم تكوينهما أي أن وجود أكثر من صانع يوجد بينهم تمانع في الأفعال فلا يكون واحد منهم صانعًا فلم يوجد مصنوع لأن القول بإمكان التمانع لا يستلزم إلا عدم تعدد الصانع لا انتفاء المصنوع على


(١) سورة الأنبياء آية (١٠٤).
(٢) سورة الانفطار الآيات (١ - ٤).
(٣) سورة الانشقاق الآيات (١ - ٥).
(٤) سورة التكوير الآيات (١ - ٣).
(٥) سورة إبراهيم: آية (٤٨).

<<  <   >  >>