للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقيل المعنى إنه لو كان فيهما آلهة نسبتهم إلى هذا العالم واحدة لوجب أن يكونوا على العرش معه فكان يوجد موجودون متماثلين ينسبون إلى محل واحد نسبة واحدة وهذا لا يصح لأنه إذا اتحدت النسبة اتحد المنسوب والمقصود أنهم لا يجتمعون في النسبة إلى محل واحد كما لا يحلون في محل واحد إذا كانوا ممن شأنهم أن يقوموا بالحل، وإن كان الأمر في نسبة الإله إلى العرش ضد هذه النسبة. (١).

وأرى بعد هذا القول عن المراد بالآية، وأن الأقرب إلى المراد بها، كما هو الظاهر والله أعلم، أنه لو كان الأمر كما يقول المشركون الزاعمون أن لله شركاء تعبد معه، وتقرب إليه، وتشفع لديه لكان أولئك المعبودون يعبدونه، ويتقربون إليه ويبتغون إليه الوسيلة والقربة فاعبدوه أنتم وحده وهذا كقوله تعالى: "أولئك الذين يدعون يبتغون إلى ربهم الوسيلة" (٢) فليس لكم حاجة بعبادة غيره ليكون واسطة لكم إليه فإنه لا يحب ذلك ولا يرضاه، وقد نهى عن ذلك على ألسنة جميع رسله وأنبيائه، فدعا إلى عبادته وحده وأنه المتفرد بالإلهية دون غيره قال الله تعالى: "لقد أرسلنا نوحًا إلى قومه فقال ياقوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره" (٣). وقال هود عليه السلام لقومه: "ياقوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره" (٤). وقال صالح عليه السلام لقومه: "ياقوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره" (٥). وقال شعيب عليه السلام:


(١) انظر مناهج الأدلة لابن رشد مع المقدمة ص ١٥٧.
(٢) سورة الإسراء آية (٥٧).
(٣) سورة الأعراف آية (٥٩).
(٤) سورة الأعراف آية (٦٥).
(٥) سورة الأعراف آية (٧٣).

<<  <   >  >>