للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وذكر سبحانه في مواضع كثيرة من كتابه ما يدل على تفرده بالألوهية كما في قوله: {هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} (١).

لأن الأول هو الفرد السابق وقوله: {وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ} (٢) ففي نفيه تبارك وتعالى علم الغيب عن سواه ما يدل على عدم الشريك إذ لو كان له شريك لكان عالمًا مثله ثم إن الله تعالى صرح بكلمة "لا إله إلا هو في نحو سبعة وثلاثين موضعًا، وبالوحدانية في نحو سبعة عشر موضعًا من كتابه ذكرنا ونذكر بعض هذه المواضع الدالة على نفي الألوهية عن سواه تعالى (٣).

فالتوحيد الذي جاء به الشرع وبه يكون الإيمان هو توحيد الله تعالى بإفراده بالعبادة وحده دون سواه وتجريد محبته والإِخلاص له وخوفه ورجاؤه والتوكل عليه والرضا به ربًا وإلهًا وواليًا وأن لا يجعل له عدلًا في شيء من الأشياء وهو أحد التوحيدين "الذين عليهما مدار كتاب الله تعالى وبتحقيقهما بعث الله سبحانه وتعالى رسوله صلى الله عليه وسلم وإليهما دعت الرسل صلوات الله وسلامه عليهم من أولهم إلى آخرهم. وثانيهما التوحيد العلمي الخبري الاعتقادي المتضمن إثبات صفات الكمال لله وحده وتنزيهه فيها عن التشبيه والتمثيل وتنزيهه عن صفات النقص" (٤) ولا يتم أحد التوحيدين إلا بالآخر. وقد دل القرآن والسنة على كل منهما وعليهما ومما دل على توحيد الله بإفراده بالعبادة قوله تعالى: {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ (١) لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ


(١) سورة الحديد آية (٣).
(٢) سورة الأنعام آية (٥٩).
(٣) انظر التفسير الكبير للرازي جـ ٢٢ ص ١٥٣، ١٥٤.
(٤) إجتماع الجيوش الإِسلامية لابن القيم ص ٤٦، ٤٧ بتصرف.

<<  <   >  >>