للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الرحمن في هذا الخبر إنما هو من إضافه الخلق إليه" (١) فليست الإِضافة في الخبر من إضافة صفات الذات على زعم من توهم ذلك بل إنها إضافة ملك أي الصورة التي تخيرها الله سبحانه ليكون عليها آدم عليه السلام، وقد سبق ذكرها عند ذكر معنى إضافه الصورة إلى الضمير "الهاء" في قوله "صورته" في الرواية الأولى.

ويكون المعنى فإن ابن آدم خلق على الصورة التي خلقها الرحمن حين صور آدم ثم نفخ فيه الروح. والدليل على صحة هذا التأويل. ما روى عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: "خلق الله آدم على صورته وطوله ستون ذراعا" (٢) وفي الحديث إشارة إلى أن ادم كان مخلوقًا على صورته كاملًا لم يتنقل في أطوار الخلقه وهي الصورة التي كان عليها بعد الخروج من الجنة، وهي ما علمها أبناؤه، فلم تشوه صورته، ولم تغير خلقته بعدما أخرج من الجنة والله أعلم (٣).

يقول ابن قتيبة (٤) "والذي عندي - والله تعالى أعلم - أن الصورة ليست بأعجب من اليدين، والأصابع (٥)، والعين، وإنما وقع الألف


(١) كتاب التوحيد لابن خزيمة ص ٣٨ - ٣٩، وانظر أساس التقديس للرازي فقد أشار إلى هذا ص ٨٧.
(٢) صحيح البخاري جـ ٤ ص ٦١، وصحيح مسلم جـ ٤ ص ٢١٨٣، ٢١٨٤.
وكتاب التوحيد لابن خزيمة ص ٤٠، والأسماء والصفات للبيهقي ص ٢٨٩.
(٣) انظر كتاب التوحيد لابن خزيمة ص ٣٩، ٤٠، وأصول الدين للبغدادي ص ٧٦. والأسماء والصفات للبيهقي ص ٢٩٠، ٢٩١. وأساس التقديس للرازي ص ٨٤، ٨٥.
(٤) هو عبد الله بن مسلم بن قتيبة الدينوري أبو محمد نحوي لغوي كان فاضلًا ثقة سكن بغداد وحدث بها وروى عنه ابنه وغيره له تصانيف كثيرة منها غريب القرآن وعيون الأخبار، ومشكل القرآن، وطبقات الشعراء. توفي سنة ٢٧٦ وكانت ولادته في سنة ٢١٣، انظر وفيات الأعيان جـ ٣ ص ٤٢ - ٤٤. وشذرات الذهب جـ ٢ ص ١٦٩.
(٥) الأصابع لم يرد إثباتها من طريق القرآن بل من طريق السنة فهي كالصورة من طريق ورود إثباتها.

<<  <   >  >>