للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

القول بأنه الله صحيح. أما كون ذلك ليس غير الله فلفظ "الغير" مجمل ونفيه يوهم معنى فاسدًا، وكذا إثباته، فيجب الاستفصال عن المقصود فإن كان القصد بأنه ليس غير الله، أي ليس غيرًا منفصلًا عنه فهذا حق فإن صفات الباري لا تفارق ذاته.

ثم إن وجود ذات في الخارج غير متصفة بالصفات محال، بل الذات الموصوفة بصفات الكمال الثابتة لها لا تنفصل عنها، وإنما يعرض للذهن ذات وصفة كل وحده ووجوده في الخارج، محال وهذا بمنزلة من يقول، أثبت إنسانًا لا حيوانًا، ولا ناطقًا، ولا قائمًا بنفسه ولا بغيره، ولا له قدرة، ولا حياة، ولا حركة، ولا سكون أو نحو ذلك، أو يقول أثبت نخله ليس لها ساق، ولا جذع ولا ليف، ولا غير ذلك. فإن هذا يثبت ما لا حقيقة له في الخارج ولا يعقل، لأن لفظ "ذات" في أصل معناها لا تستعمل إلا مضافة أي "ذات وجود" "ذات قدرة" "ذات إرادة" إلى غير ذلك، ولم ترد إلا كذلك كما في قوله تعالى {فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ} (١). وقوله: {عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ} (٢). وقول خبيب بن عدي رضي الله عنه حين قدمه كفار قريش للقتل:

ولست أبالي حين أفتل مسلمًا ... على أي جنب كان في الله مصرعي


(١) سورة الأنفال آية (١).
(٢) سورة آل عمران الآيتان (١١٩، ١٥٤) والمائدة (٧)، والأنفال (٤٣) وهود (٥). ولقمان (٢٣)، وفاطر (٣٨) والزمر (٧). والشورى (٢٤). والحديد (٦)، والتغابن (٤)، والملك (١٣).

<<  <   >  >>