للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فهذه معان متميزة في العقل ليس هذا هو هذا.

فإن قلتم هي قديمة، أثبتم معان قديمة، وإن قلتم إنها شيء واحد جعلتم كل صفة هي الأخرى، والصفة هي الموصوف فجعلتم كونه عالما هو كونه قادرًا، وجعلتم ذلك هو نفس الذات وهذه مكابرة وهذه المعاني هي معاني أسمائه الحسنى وهو بها سبحانه لم يزل وهو المسمى بها نفسه. وقد نفى الدارمي (١) إيمان من لم يعلم أن الذات الإلهية بصفاتها وأسمائها لم تزل ذات واحدة متصفة بالصفات مسماة بالأسماء بقوله: "ولن يدخل الإيمان قلب رجل حتى يعلم أن الله لم يزل إلهًا واحدًا بجميع أسمائه وجميع صفاته لم يحدث له منها شيء كما لم تزل وحدانيته" (٢). وبعد أن بينا عدم استقامة مذهب ابن حزم ومن يذهب مذهبه بنفي الصفات. نشير إلى أن ابن حزم لم يثبت على هذا المذهب فقد قال بخلافه فقد أثبت أن لله تعالى صفات قال في كتابه الأصول والفروع في أثناء رده على الجهمية القائلين بخلق القرآن: "وكلام الله تعالى صفة قديمة من صفاته، ولا توجد صفاته إلا به ولا تبين منه .. وكلام الله لا ينفد ولا ينقطع أبدًا لأن كلامه صفة من صفاته تعالى لا تنفد ولا تنقطع ولا تفارق ذاته والله عز وجل لم يزل متكلمًا ليس لكلامه أول ولا آخر كما ليس لذاته لا أول ولا آخر وجميع صفاته مثل ذاته وقدرته وعلمه وكلامه ونفسه ووجهه مما وصف به نفسه في كتابه العزيز كل هذه الصفات غير مباينة منه تعالى ولا


(١) هو أبو سعيد عثمان بن سعيد بن خالد الدارمي السجستاني كان إمامًا في الحديث والفقه ثقة حجا ثبتا له مصنفات عديدة منها المسند، والرد على الجهمية توفي سنة ٢٨٠ هـ انظر شذرات الذهب جـ ٢ ص ١٧٦.
(٢) رد عثمان بن سعيد الدارمي على بشر المريسي ص ١٣.

<<  <   >  >>