للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ويقول ابن حزم: "وثبت ضرورة أن علم الله تعالى ليس عرضًا ولا جسمًا أصلًا لا محمولًا فيه ولا في غيره" (١).

ويقول بعموم علم الله تبارك وتعالى وأنه لم يزل عليمًا بكل ما كان أويكون مما دق أوجل لا يخفى كليه شيء لقوله تعالى " {وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} " (٢).

وهذا عموم لا يجوز أن يخص منه شيء. ويقول تعالى: " {يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى} " (٣) والأخفى من السر هو ما لم يكن بعده (٤).

بعد عرض مذهب ابن حزم في علم الله تعالى.

أرى أن الموافق للصواب منه: إثباته أن الله تعالى علما، وأنه لم يزل، وغير مخلوق، وعموم علمه تبارك وتعالى بكل ما كان أو يكون مما دق أو جل لا يخفى عليه شيء، ونفي أن يكون علم الله تعالى جسمًا لا محمولًا فيه ولا في غيره.

والمخالف فيه: جعله العلم ليس غير القدرة، وليسا غير الله. وقد تعرضنا لهذا المنحى عند اتصاف الله تعالى بالصفات وهل هي الذات أو غيرها (٥).

وأما نفي أن يكون العلم عرضًا فغير مسلم على إطلاقه، لأن لفظ "العرض" لفظ مجمل، فلا بد من فهم المعنى المقصود بهذا اللفظ: فإن أريد به ما هو معروف في اللغة من أن الأعراض، هي الأمراض


(١) انظر الفصل (٢: ١٣٣).
(٢) سورة البقرة: آية (٢٩)، والأنعام: آية (١٠١)، والحديد: آية (٣).
(٣) سورة طه: آية (٧).
(٤) انظر المحلى (١: ٤٠).
(٥) انظر ص (١٩٤ - ١٩٨).

<<  <   >  >>