للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وحيث ثبت أنه عالم ثبت أن له علمًا ويدل على أنه تعالى عالم بعلم، أنه لا يخلو إما أن يكون تعالى عالمًا بذاته لا بعلم، أو عالمًا، بعلم هو ذاته، أو بعلم ليس ذاته. فإن كان عالمًا بذاته لا بعلم. ففي هذا نفي لصفة العلم نهائيًا، وإثبات لذات مجردة عن الصفة وهذا محال، لأنه لا يوجد في الخارج ذات غير متصفة بالصفات.

وإن كان عالمًا بعلم هو ذاته فهذا إثبات ذات هي بعينها صفة، أو صفة هي بعينها ذات وهذا لا يصح.

يقول أبو الحسن الأشعري في رد هذا عند استدلاله على أن الله تعالى عالم بعلم: "فإن كان عالمًا بنفسه كانت نفسه علمًا، لأن قائلًا لو قال: إن الله تعالى عالم بمعنى هو غيره لوجب عليه أن يكون ذلك المعنى علمًا، ويستحيل أن يكون العلم عالمًا، أو العالم علمًا، أو يكون الله تعالى بمعنى الصفات. ألا ترى أن الطريق الذي يعلم به أن العلم علم أن العالم به علم، لأن قدرة الإِنسان التي لا يعلم بها لا يجوز أن تكون علمًا. فلما استحال أن يكون الباري تعالى علمًا استحال أن يكون عالمًا بنفسه، فإذا استحال ذلك صح أنه عالم بعلم يستحيل أن يكون هو نفسه" (١).

والدليل على علمه تعالى بمعلومات غير متناهية: أنه لو لم يتعلق علمه سبحانه وتعالى بجميع المعلومات لكان كماله بالنسبة إلى ما لم يتعلق به علمه من المعلومات أنقص بالنسبة إلى حال من تعلق به علمه من المخلوقين وهو محال.


(١) اللمع للأشعري ص ٣٠. وانظر الإِبانة له ص ٣٨. ولمع الأدلة في عقائد أهل السُّنة والجماعة للجويني ص ٨٨.

<<  <   >  >>