للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والثاني:

أن يقال أراد وشاء بمعنى أراد كونه وشاء وجوده فهذا هو الذي نخبر به عن الله عز وجل في كل موجود في العالم من خير أو شر (١). ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن وهذا على عمومه موجب أن كل ما في العالم كان أو يكون أي شيء كان فقد شاءه الله تعالى، وما لم يكن ولا يكون فلم يشأه الله تعالى يقول تعالى: " {لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ (٢٨) وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ (٢٩)} (٢).

والآية نص صريح على أنه تعالى أراد كون كل ذلك (٣). فأثبت أن المشيئة هي الإِرادة، وأنه يقال أراد الله، ويريد، ولم يرد، ولا يريد، وأن الإِرادة هي الخلق، ولا إرادة له إلا ما خلق، ونفى أن يكون له إرادة لم تزل، وأن يكون مريدا، حيث لم يأت نص بهذا، ولم يأت عن أحد من السلف - رضي الله عنهم -، ولأن الإِرادة لو كانت لم تزل لكان المراد لم يزل بنص القرآن يقول تعالى: " {إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} " (٤). فأخبر تعالى أنه إذا أراد الشيء كان وهذا محل إجماع من المسلمين ما شاء الله كان (٥).

هذا المذهب - إثبات أن الله أراد، ويريد ما أراد ولا يريد ما لم يرد، وأن المشيئة هي الإرادة، ووقوعها على معنيين - رأي، تؤيده الأدلة الصحيحة، وهو ما ذهب إليه سلف الأمة فيثبتون الله تعالى ما أثبته لنفسه، وأثبته له رسوله - صلى الله عليه وسلم -.


(١) انظر الفصل (٣: ١٤٢).
(٢) سورة التكوير: الآيتان (٢٨، ٢٩).
(٣) انظر الفصل (٣: ١٤٤، ١٤٨).
(٤) سورة يس: آية (٨٢).
(٥) انظر الفصل (٢: ١٧٦، ١٧٨).

<<  <   >  >>