للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ويتناقض عند القول بأن الله تعالى "متكلم".

ففي الفصل والمُحلى، ينفي أن يقال بأن الله تعالى متكلم لأنه تعالى لم يسم بذلك نفسه يقول تعالى: {وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا} (١) ويقول: {إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسَالَاتِي وَبِكَلَامِي} (٢). ويقول: {تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللَّهُ} (٣). فهذا ما سمى الله تعالى به نفسه (٤).

وفي كتاب الأصول والفروع يثبت أن الله لم يزل متكلمًا، وأن الكلام لا يكون إلا من متكلم يقول: "وكلام الله تعالى صفة قديمة من صفاته، ولا توجد صفاته إلا به ولا تبين منه لأنه لم يزل متكلمًا كما أن قدرته لا تبين منه لأن الكلام لا يكون إلا من متكلم، ولا تكون القدرة إلا من قدير .. ويقول: "والله عز وجل لم يزل متكلمًا ليس لكلامه أول ولا آخر (٥).

تبين لنا من عرض مذهب ابن حزم في كلام الله تعالى أنه قريب من مذهب السلف حيث قال: إن القرآن هو كلام الله تعالى على الحقيقة بلا مجاز ويعبر به عن خمسة أشياء، الصوت المسموع، والمفهوم من الصوت، والمصحف كله، والمستقر في الصدور وعلم الله وهو كلامه. وبين اشتمال الأربعة الأولى على ما هو مخلوق مما هو من صفات العباد، وهو بهذا موافق لمذهب السلف فهم لا يقولون بأن ما هو من أفعال العباد غير مخلوق. ولكنهم لا يطلقون الحكم


(١) سورة النساء: آية (١٦٤).
(٢) سورة الأعراف: آية (١٤٤).
(٣) سورة البقرة: آية (٢٥٣).
(٤) انظر الفصل (٣: ٨، ٩، ١٣) والمحلى (١: ٤٣، ٤٤).
(٥) الأصول والفروع (٢: ٣٩٥، ٣٩٦).

<<  <   >  >>