للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد عرفنا ماذهب بن حزم في علم الله تعالى (١) وبينا أنه يؤول إلى مذهب أبي الهذيل العلاف من المعتزلة، وأن حقيقة هذا القول تجريد الذات عن الصفات كما هو رأي الفلاسفة.

وأهل الإثبات كلهم على خلاف هذا الرأي.

يقول ابن تيمية: "إثبات كونه سميعًا بصيرًا، وأنه ليس مجرد العلم بالمسموعات والمرئيات هو قول أهل الإثبات قاطبة من أهل السنة والجماعة (٢).

وقد وافق أهل الإثبات طائفة من المعتزلة البصريين (٣).

قال عبد القاهر البغدادي: "إن البصريين منهم - أي من المعتزلة - مع أصحابنا في أن الله عز وجل سامع للكلام والأصوات على الحقيقة لا على معنى أنه عالم بها" (٤).

وقد استدل ابن حزم بقوله تعالى: {إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى} (٥) على جعل سمع الله تعالى للمسموعات وبصره للمبصرات ورؤيته للمرئيات علمه بذلك. وليس في الآية دليل لما ذهب إليه بل دلالتها تخالفه لأن فيها التفريق بين السمع والرؤية ولو كانا بمعنى العلم لما كان لهذا فائدة وكان لغوًا، إذ يكون المعنى، أنني معكما أعلم، وأعلم. وهذا لا يليق بكلام الله تعالى.


(١) انظر ص (٢٢٦ - ٢٣٢).
(٢) شرح الأصفهانية ص (٧٣)، وانظر المعتمد في أصول الدين لأبي يعلى ص (٤٨).
(٣) انظر الفرق بين الفرق للبغدادي ص (١٨١)، شرح الأصفهانية ص (٧٣).
(٤) الفرق بين الفرق للبغدادي ص (١٨١).
(٥) سورة طه: آية (٤٦).

<<  <   >  >>