للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الإثبات الصحيح الذي درج عليه السلف من أن الله تعالى يدا، ويدين حقيقة، لأن الإِثبات الذي جرى عليه ابن حزم هو إثبات الظواهر مجردة عما تدل عليه من معاني فلا تدل على صفات، وإنما ترجع إلى الذات.

ويحمل قول الرسول صلى الله عليه وسلم "وكلتا يديه يمين" على أن كل ما يكون من الله تعالى فهو الأعلى - أي على المجاز - وهذا تأويل يخالف مايدعى من وجوب الأخذ بظواهر النصوص ما لم يمنع من ذلك نص آخر أو إجماع أو ضرورة حس يقول: "قول الله يجب حمله على ظاهره ما لم يمنع من حمله على ظاهره نص آخر أو إجماع أو ضرورة حس" (١).

ويقول: "لا يجوز إطلاق اسم على غير موضوعه في اللغة إلا أن يأتي به نص فيقف عنده وندري حينئذ أنه منقول إلى ذلك المعنى الآخر وإلا فلا" (٢). وقد ناقض ابن حزم هنا منهجه إذ ليس في حمل اليدين في الحديث على الحقيقة اللائقة بالله مانع من نص أو إجماع أو ضرورة والحقيقة أن الله تعالى له يدان كلاهما يمين، أي علية كريمة مباركة لأن المياسر تنقص عن الميامن في القوة والبطش والتمام، أو يكون المراد العطاء باليدين جميعا، لأن اليمنى هي المعطية فإذا كانت اليدان يمينين كان العطاء بهما. (٣)

وهذا ما يجب أن يحمل عليه الحديث، حيث إن إثبات اليدين ورد في القرآن الكريم صراحة ولا مانع من إثباته لله تعالى حتى نحمل


(١) الفصل (٢: ١٢٢).
(٢) الفصل (٢: ١٢٣).
(٣) انظر تأويل مختلف الحديث لابن قتيبة (ص ٢١٠).

<<  <   >  >>