للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وفي كشف الشدة والهول - على معنى إذهابها وإزالتها يقال: كشفت الشدة، لا كشف عنها، فإذا قيل كشف عنها أصبح المعنى أنها أظهرت وبينت. وعلى هذا الشاهد "إذا شمرت عن ساقها الحرب" أي أعلنت فظهرت مشتدة لا تخفى على أحد.

وفي الحديث: "هل بينكم وبينه آية تعرفونه بها؟ فيقولون الساق. فيكشف عن ساقه".

وبيان عدم صحة حمل الساق هنا على التأويل بالشدة، أن المخاطبين في حال من الشدة بلا خلاف، ولو أرادوا بالآية التي يعرفونه تعالى بها - الشدة لقالوا حين سألهم: كشف الشدة، لأنها حالة بهم. فلما قالوا: "الساق" ثم كشف عن ساقه وحصل السجود أو محاولته. تبين أن المقصود بهذا الساق. شيء خاص بالله تعالى هو صفة له، وليس إذهابا للشدة لأنها موجودة بعد كشفه إذ أن أشد الشدة عند حال السجود خاصة ممن لم يستطع ذلك.

وفي حديث مسلم: "ذاك يوم يجعل الولدان شيبا وذلك يوم يكشف عن ساق".

ولا يمكن حمل كشف الساق هنا على كشف الشدة لأنه بين شدة ذلك اليوم بأنه يشيب الولدان. وهذا تناقض.

فإن قيل: لا تناقض في الكلام وهذا ممكن إذ يكون في أول اليوم شدة تشيب الولدان، وفي آخره تزال هذه الشدة.

قلنا: لا يمكن حمله على إزالة الشدة لأنها وإن زالت عن من رضى الله تعالى عنه، فهي باقية على أشد مما كانت عليه في أول اليوم بالنسبة للمغضوب عليهم، وعلى هذا فلا يمكن حمل الشدة في كل ما ذكرنا من الأدلة على غير الساق الحقيقي الذي يناسب عظمة المتصف به وكماله.

<<  <   >  >>