للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الهيئة (١) يقولون: لو أن الأرض مخروقة إلى ناحية أرجلنا وألقى في الخرق شىء ثقيل كالحجر ونحوه لكان ينتهى إلى المركز حتى لو ألقى من تلك الناحية حجر آخر لا التقيا جميعا في المركز، ولو قدر أن إنسانين التقيا في المركز بدل الحجرين لا التقت رجلاهما، ولم يكن أحدهما تحت الآخر بل كلاهما فوق المركز وكلاهما تحت الفلك كالمشرق والمغرب.

فإنه لو قدر أن رجلا في المشرق في السماء أو في الأرض، ورجلا في المغرب في السماء أو في الأرض لم يكن أحدهما تحت الآخر، وسواء كان رأسه أو رجلاه أو بطنه أو ظهره أو جنبه مما يلى السماء أو مما يلى الأرض.

وإذا كان مطلوب أحدهما ما فوق الفلك لم يطلبه الآخر إلا من الجهة العليا، ولم يطلبه من جهة رجليه أو يمينه أو يساره لوجهين:

أحدهما: أن مطلوبه من الجهة العليا أقرب إليه من جميع الجهات.

الثاني: أنه إذا قصد السفل بلا علو كان منتهى قصده المركز" (٢) وقبل هذا يجب أن نعلم أن العالم جميعه علويه وسفليه بالنسبة إلى خالقه تبارك وتعالى في غاية الصغر كما قال تعالى {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ


(١) الهيئة مصدر هاء، وهيىء، وهيؤ. حال وكيفيته وصورته وعلم الهيئة. علم الفلك وهو علم يبحث فيه عن أحوال الأجرام البسيطة العلوية والسفلية من حيث الكمية والكيفية والوضع والحركة اللازم لها وما يلزم منها. أنظر محيط المحيط ص (٩٤٩)، الرائد لجبران مسعود ص (١٥٨٠).
(٢) عرش الرحمن ضمن مجموعة الرسائل والمسائل لابن تيمية (٤: ١٢٣، ١٢٤)، وانظر رسالة في إثبات الاستواء والفوقية لأبي محمد الجويني ضمن الرسائل المنيرية المجلد الأول (١: ١٨٦ - ١٨٧).

<<  <   >  >>