للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

التأويل الذي ذهب إليه في النزول وهو قوله: "إن هذا النزول صفة فعل وأن هذا الفعل هو أن الله تعالى يأمر ملكا ينادي في ذلك الوقت - المذكور في الحديث - بذلك".

ونقول: إن النزول والمجىء والإِتيان من صفات الله تعالى حقيقة لا مجازا فهو تعالى ينزل ويجىء ويأتي على ما يليق به فلا يشبه ما يكون من الخلق ولا يلزمه ما يلزمهم إذا فعلوا شيئا من ذلك.

ويدل على أن النزول حقيقة تواتر الأخبار (١) عن أعلم الخلق بالله وأنصحهم للأمة وأقدرهم على العبارة التي لا توقع لبسا محمد صلى الله عليه وسلم بأن الله ينزل إلى السماء الدنيا وليس في جميعها ما يدل على أن المراد بهذا النزول المجاز وإنما جاء فيها ما يدل على أن المراد الحقيقة كقوله: "وعزتي وجلالي لا أسأل عن عبادي غيري" وقوله "من ذا الذي يسألني فأعطيه من ذا الذي يستغفرني فأغفر له. من ذا الذي يدعوني فأستجيب له". إلى نحو هذا مما جاء في ألفاظ الأحاديث مما يدل على أن المراد الحقيقة، إذ لا يمكن أن يقول هذا ملك ولا غيره، لأنه كلام الله الذي لا يقوله سواه، لأنه هو المجيب للدعاء والغافر للذنوب والمعطي لكل سائل سؤاله سبحانه وتعالى. (٢)

ومما يؤيد حمل النزول على الحقيقة أن لفظ الخبر: "إن الله ينزل إلى السماء الدنيا" وهذا خبر عن نفس ذات الله تعالى لا عن غيره وعن معنى لا عن لفظ والمخبر عنه هو مسمى هذا الاسم العظيم، فإن


(١) انظر شرح حديث النزول ص (٥٧)، العلو للعلي الغفار للذهبي ص (٧٩)، مختصر الصواعق المرسلة (٢: ٣٨٠، ٣٨٢).
(٢) انظر كتاب التوحيد لابن خزيمة ص (١٣٢ - ١٣٥)، شرح حديث النزول ص (٦٦، ٦٧، ٩٨)، مختصر الصواعق (٢: ٣٨٠، ٣٨١).

<<  <   >  >>