للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وليست تلك الرؤية بهذه القوة الموضوعة في العين الآن، والتي لا تقع إلا على الألوان، وإنما هي بقوة موهوبة من الله تعالى يجعلها في أعين من سيراه (١) كما جعل من القوة في إذن موسى عليه السلام حتى سمع كلامه.

ويقول بعدم رؤية الكفار لله تعالى يوم القيامة إلا بقلوبهم لقوله تعالى {كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ} (٢).

هذا هو مذهب ابن حزم في رؤية الله ومن يرى الله تبارك وتعالى (٣).

هذا المذهب الذي ذهب إليه ابن حزم في رؤية الله تعالى هو المذهب الذي تؤيده الأدلة الصريحة والصحيحة من الكتاب والسنة وهو ما عليه سلف الأمة وأئمتها. فهم يثبتون رؤية الله تعالى يوم القيامة كرامة للمؤمنين وهي أعلى نعيم أهل الجنة عندهم وقد فسروا


(١) قد خالف ابن حزم رأيه هذا في رسالته الدرة ص (١١٠ ب) ضمن مجموعة رسائل له حيث يقول: "فهو تعالى مرئي بالعين وبجميع الوجه، ولا يجوز أن يخص بذلك بعض الوجه دون بعض". وفي نفس الرسالة ما يدل على تأخرها عن الفصل والذي نص فيه على الرؤية بالعين. انظر ص (١٠٢ ب) منها وجـ ٣ ص (٢١) من الفصل. فلا أدري هل رجع ابن حزم عن ذلك الصواب، أو أنه حين قال ذلك في الفصل غفل عن ظاهريته، وكان مستحضرًا لها عند كتابة ذلك في الدرة وفي رده على من قال: "إن خبر الله تعالى عن الرؤية بالوجه" أي ليس بالعين. في الفصل، ما يكفي ردًا عليه في الدرة. وبالله تعالى التوفيق.
(٢) سورة المطففين: آية (١٥).
(٣) انظر الفضل لابن حزم (٣: ٢ - ٤) المحلى له (١: ٤٣).

<<  <   >  >>