للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال امرؤ القيس:

فإنكما إن تنظرانى ساعة ... من الدهر تنفعنى لدى أم جندب (١)

أي إن تنتظرانى.

فحين ذكر النظر فيما مر عاريا عن الصلات والتعدية لم يحتمل إلا الانتظار.

وإذا عدى باللام كان بمعنى الإنعام أي الرأفة والرحمة والتعطف، مثل أن يقال نظر السلطان لفلان أي رأف به وتعطف عليه.

وإذا عدى بفى كان بمعنى التفكر والاعتبار كقوله تعالى {أَوَلَمْ يَنْظُرُوا فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} (٢). وكما تقول نظرت في الأمر لفلان أي تفكرت فيه واعتبرت (٣).

وإذا عدى بإلى احتمل الرؤية وغيرها.

ومما جاء معدى بإلى وهو نص في الرؤية قوله تعالى "رب أرني أنظر إليك" (٤) حيث رتب النظر على الإِراءة والمرتب على الإِراءة هو الرؤية فيدل على أن النظر هو الرؤية ولا يمكن حمله على غير هذا من معاني النظر.

وقوله تعالى {أَفَلَا يَنْظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ} (٥) والذى يفيد كيفية معرفة الخلقة هو الرؤية لا تقليب الحدقة أو غير ذلك.


(١) شرح ديوان امرىء القيس ص (٥٣).
(٢) سورة الأعراف: آية (١٨٥).
(٣) أنظر حادي الأرواح ص (٢٣٠)، شرح المواقف للجرجاني ص (٢١١)، كتاب التمهيد للباقلاني ص (٢٧٤، ٢٧٥)، نهاية الإِقدام في علم الكلام للشهرستاني ص (٣٦٩)، لسان العرب (٧: ٧٤).
(٤) سورة الأعراف: آية (١٤٣).
(٥) سورة الغاشية: آية (١٧).

<<  <   >  >>