للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومما وقع الاتفاق عليه بين المعتزلة، أن الحسن والقبح صفتان ذاتيتان للحسن والقبيح (١).

فعندهم أن الحسن ما حسنت العقول، والقبيح ما قبحته فيحسن من الله تعالى ما حسن منا ويقبح منه ما قبح منا ويحكم عليه بالعقل بما يحكم به علينا (٢).

وبناء على أصلهم العدل وقولهم بالحسن والقبح العقليين قالوا على اختلاف فيما بينهم:

إن الله تعالى هدى المكلفين عامة بمعنى دلهم وبين لهم الطريق وسهل لهم سبيله لا بمعنى أنه خلق الإيمان والطاعة فيهم (٣) وأضلهم بمعنى ذهب بهم عن طريق الجنة إلى طريق النار، لا بمعنى أنه خلق فيهم الكفر (٤).

وقالوا هو الخالق لأفعال نفسه خيرها وشرها، ويجب عليه تعالى رعاية مصالح العباد فليس عنده شيء أصلح مما أعطاه جميع الناس مؤمنهم وكافرهم، ولا عنده أهدى مما قد هدى به الكافر والمؤمن، وأنه لا يقدر على شيء أصلح مما فعل بالكافر والمؤمن إلى غير هذا مما ليس هذا مجال ذكره.

وقالوا بالحكم على الله تعالى بالعقل فيحكم عليه بما يحكم به


(١) انظر الملل والنحل للشهرستاني (١: ٤٣)، ومجموعة الفتاوى لابن تيمية (٨: ٤٣١).
(٢) انظر الفصل لابن حزم (٣: ٩٨). وضحى الإسلام (٣: ٤٧، ٤٨).
(٣) انظر متشابه القرآن للقاضي عبد الجبار (١: ٦٤، ٦٥). وتنزيه القرآن عن المطاعن له ص (١٢، ١٣، ٣٧).
(٤) انظر متشابه القرآن (١: ٦٧).

<<  <   >  >>