للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ووقع أبو محمد في أسر الغرناطيين ثم أطلقوا سراحه. (١) وكان ذلك في أواسط سنة تسع وأربعمائة تقريبًا، وقد كان أبو محمد يتوقع دخول قرطبة دخول الفاتحين بهذا الجيش مع المرتضي. وكان على قرطبة آنذاك القاسم بن حمود الذي نادى بالأمان، وعدل عن سياسة الشدة إلى سياسة اللين.

لما سمع ابن حزم بهذا النداء من القاسم بن حمود توجه إلى قرطبة يقول: "دخلت قرطبة في شوال سنة تسع وأربعمائة فنزلت على بعض نسائنا". (٢)

عاد ابن حزم إلى قرطبة وهو في السادسة والعشرين من عمره وقد قاسى خلال العشر سنين الماضية من عمره ألوان المحن والصائب فكان لها الأثر القوي على تكوين شخصيته ونضوجه. فتابع بناء حياته التي بها بلغ الآفاق وصار إمامًا فواصل دراساته في الحديث والفقه وأنواع المعارف، ومع هذا لم تنقطع آماله السياسية فكان على صلة بجماعة الأمويين، لأنه يرى أحقيتهم بالإمامة يقول ابن حيان: "وكان مما يزيد في شنئانه تشيعه لأمراء بني أمية ماضيهم وباقيهم واعتقاده بصحة إمامتهم حتى نسب إلى النصب" (٣)

ظل أبو محمد في قرطبة وقد ساءت الأحوال في الأندلس عامة بتعاقب الأمراء من العلويين في هذا الأثناء - القاسم بن حمود، ويحيى بن علي - إلى أن اتفق أهل قرطبة على رد الأمر لبني أمية فبويع من بين ثلاثة اختاروهم، عبد الرحمن بن هشام المستظهر في الثالث


(١) انظر ابن حزم الأندلسي للدكتور عبد الكريم خليفة ص ٥٤، ٥٥.
(٢) طوق الحمامة ص ٢٥٢، وانظر أيضًا ص ٢٦٣ منه.
(٣) تذكرة الحفاظ للذهبي ج ٣ ص ١١٥٢.

<<  <   >  >>